بالمستندات .. 40 مليون جنيه وراء تدهور أوضاع الصيانة والنظافة والأمن بمشروعات «دار مصر»
أجهزة المدن تمتنع عن صرف مستحقات شركة «التعمير» .. وإسناد ملف الأزمة لموظف يمارس عملاً بالمخالفة للوائح
علامات استفهام حول استمرار «سيف النصر» في موقعه .. ووزير الإسكان «خارج نطاق الخدمة»
أزمة جديدة تكشف عن سوء إدارة وفشل حقيقي في الحفاظ على ثروة عقارية هائلة سعت الدولة من خلالها لحل أزمة الاسكان وتوفير وحدات سكنية بأنماط مختلفة تناسب مع دخول المواطنين متمثلة في مشروع الإسكان المتوسط «دار مصر» والمشروع الأهم المخصص لمحدودي الدخل وهو «الإسكان الاجتماعي».
لم تكن حالة التدهور التي تعانيها تلك المشروعات التي تم تسليم وحداتها للمواطنين سوى دليل واضح على غياب فكرة الحفاظ على الثروة العقارية بصيانتها وإدارتها بالشكل الأمثل، هذا ما كشفه محمد سيف النصر حسين المشرف على الإدارة المركزية للانشاءات بقطاع تنمية وتطوير المدن بهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة في خطابه الموجه إلى رؤساء أجهزة المدن الجديدة.
حيث أكد سيف النصر، تلقي نائب رئيس الهيئة لقطاع تنمية وتطوير المدن المهندس عبد المطلب عمارة، خطابا من رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة التعمير لخدمات الصيانة للإسكان الاجتماعي والاسكان المتوسط "دار مصر" المهندس كمال فهمي، حمل رقم 1642 بتاريخ 22 يونيو 2021 يشكو فيه من امتناع أجهزة المدن عن صرف مستحقات شركة التعمير المسؤولة عن صيانة وحراسة ونظافة مشروع الإسكان الاجتماعي والمتوسط في كافة المدن منذ سبعة أشهر .
وأشارت شركة التعمير إلى ارتفاع المديونية المستحقة على الاجهزة لقرابة 39 مليون جنيه، وهو ما يهدد بتردي أوضاع النظافة والحراسة والصيانة بسبب تأخر صرف تلك المستحقات .
من جانبه، خاطب محمد سيف النصر رؤساء أجهزة المدن الجديدة طالبا موافاته بتقرير عن حجم الأعمال التي نفذتها الشركة وقيمة المستحق صرفه وأسباب وقف صرف المستحقات الخاصة بالشركة، تمهيداً للعرض على نائب رئيس الهيئة للرد على شركة التعمير لخدمات الصيانة.
الواقعة تكشف عن حالة الإهمال والتراخي التي تسيطر على أجهزة المدن في الوقت الذي يواصل سكان مشروع «دار مصر» نشر شكواهم على مواقع التواصل الاجتماعي ومنصات الشكاوى الحكومية بسبب انهيار البنية التحتية التي لم يمر عليها سوى سنوات معدودة لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، بالإضافة لضعف مستوى الأمن في مشروعات الإسكان المتوسط وتراجعها في مشروعات الإسكان الاجتماعي.
وشركة التعمير لخدمات الصيانة، هي المسؤولة عن إدارة وصيانة وحراسة مشروعات الإسكان المتوسط (دار مصر) والمكون من مرحلتين تضم قرابة 55 ألف وحدة سكنية، وتقع المرحلة الأولى منها في مدن (6 أكتوبر - مدينة السادات - مدينة الشروق - مدينة العاشر من رمضان - مدينة العبور - مدينة القاهرة الجديدة - مدينة بدر - مدينة دمياط) أما المرحلة الثانية فتتمثل فى 12 مدينة منها 8 مدن من المرحلة الأولى و4 مدن جديدة فى المرحلة الثانية وتتمثل فى (مدينة المنيا الجديدة - مدينة الشيخ زايد – مدينة برج العرب – مدينة 15 مايو ). فيما يبلغ عدد وحدات مشروع الإسكان الاجتماعي لمحدودي الدخل حوالي 655 ألف وحدة سكنية موزعة على مستوى 22 مدينة.
وكان المهندس كمال فهمي رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة التعمير للخدمات والصيانة التابعة لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، في تصريحات سابقة لـ«إسكان مصر» أن الشركة تعمل على محاور رئيسية هي "النظافة والحراسة والطرق والصيانة" بينما تقوم من خلال الاجهزة بتنفيذ الصيانة الخاصة بأعمال اللاند سكيب، مشيراً إلى انه في حال ظهرت فروق في تكاليف أعمال الصيانة سيتم مطالبة الملاك بسدادها.
وأكد رئيس شركة التعمير، أن الشركة تقوم من خلال عقدها مع هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بالعمل على 3 محاور رئيسية أولها صيانة الأرصفة والمداخل والأسطح وغيرها لمشروع دار مصر وسكن مصر، موضحاً أنها تقوم بعمل صيانة خارجية للعمارات من خلال صيانة خطوط المياه والصرف وكذلك واجهات العمارات وغيرها مع تأمين المشروعات من خلال شركة أمن معتمدة لدى وزارة الداخلية لخدمة سكان مشروع دار مصر فقط.
من ناحية أخرى، يظل وجود محمد سيف النصر على رأس العمل بهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة لغزاً محيراً خاصة بعد بلوغه سن المعاش والمد له بعقد "خبير وطني" منذ أكثر من هام، وهو ما لا يخوله صلاحية التوقيع على المكاتبات الرسمية أو حتى مخاطبة أصغر موظفي هيئة المجتمعات.
فقد كشف منشور رسمي يحمل رقم 38 بتاريخ 27 أغسطس 2018 الوضع غير القانوني للمشرف على الإدارة المركزية للانشاءات بقطاع التنمية وتطوير المدن في هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة المهندس محمد سيف النصر.
فالمنشور الموقع من نائب رئيس هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة للشؤون المالية والإدارية آنذاك الدكتور مازن حسن، أكد إنه بناء على تعليمات الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة بشأن مهام الخبير الوطني، يجب أن يراعى فيه عدم قيام الخبير الوطني بالإشراف أو إسناد أي اختصاصات بإصدار قرارات أو ممارسة سلطات تنفيذية كونه غير ذي صفة للقيام بمثل هذة الأعمال .
وعلى الرغم من هذا التعميم، إلا أن المشرف على الإدارة المركزية للانشاءات لايزال يمارس مهام الوظيفة ويوقع على المستندات الرسمية، بل ويشترك في اللجان، بالمخالفة لتعليمات رئيس الجمهورية بعدم استمرار الموظف في موقعه بعد بلوغه سن المعاش، وضرورة الدفع بالشباب، وهو ما يتم أيضا تحت سمع وبصر نائب رئيس الهيئة لقطاع تطوير وتنمية المدن المهندس عبد المطلب ممدوح والذي تردد انه وراء استمرار سيف النصر في موقعه.
الغريب أن أزمة "دار مصر" تم اسناد حلها لمحمد سيف النصر في يونيو من العام الماضي، حيث عقد عدة لقاءات مع ملاك الوحدات، إلا أن الأزمات المتكررة تكشف فشله في هذا الملف، فيما يغيب عن المشهد بشكل كامل أي دور حقيقي لوزير الإسكان الدكتور عاصم الجزار في إنهاء الأوضاع الغير قانونية داخل هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة.