محمود الجندي
6 أخطاء ارتكبتها وزارة الإسكان في قرار الغاء قيود الكثافة
في نفس الشهر الذي تبنت فيه جريدة "إسكان مصر" فتح ملف قيود الكثافة السكانية في الفدان الواحد وتأثير ذلك على المشروعات العمرانية المتكاملة "الكمبوندات" وهو مارس 2019 بدأت وزارة الإسكان منذ ذلك التاريخ في البحث عن حلول عملية لانهاء الأزمة وللاستجابة لطلبات المطورين العقاريين المتكررة في هذا الشأن، خاصة وأن بعض الشركات تعرضت لمشكلات كبرى في تسويق وحدات مشروعاتها نظراً لكبر مساحة تلك الوحدات وتجاوزها 200 و300 بل و400 متر مربع في بعض المشروعات، وهي مساحات لا تلقى إقبال من العملاء ما تسبب في أزمات مالية لتلك الشركات، تزامن ذلك مع ضعف السيولة لدى المواطنين، حيث اتجه حركة الشراء للوحدات الصغيرة.
في تلك الفترة وعلى هامش اجتماع دوري لرؤساء أجهزة المدن الجديدة والذي عقد في مدينة بدر وقتها، طلب وزير الإسكان سرعة إيجاد حلول لزيادة عدد الوحدات السكنية في كل دور للتيسير على المطورين العقاريين، حيث جاء الرد وقتها بوجود معادلة تقتضى بأن أقصى كثافة للفرد في الفدان هي 120 فرد فقط، ومن الصعب زيادتها حرصاً على حالة المرافق والبنية التحتية التي قد لا تتحمل هذة الزيادة السكانية.
الدكتور عاصم الجزار لم يشأ أن يدخل في التفصيلات الفنية لمقننات المياه وحالة المرافق، ولكن طلب ربط زيادة عدد الوحدات بقدرات المرافق في تلك المناطق، وطوال عام كامل تم دراسة الملف وانتهى بصدور قرار اليوم من وزير الإسكان حمل رقم (168) لسنة 2020، ليلغي معادلة كثافة الفرد في الفدان واعتماد تحديد ما يخص المتر المربع مبانى من مقننات المياه القصوى (ل/م2/يوم) بالمشروعات العمرانية المتكاملة بالمدن الجديدة، كبديل عنها.
الوزير أكد على إداراج معادلة الربط بين المقننات المائية ضمن القرارات الوزارية التى تصدر للمساحات العمرانية المتكاملة المُخصصة للمستثمرين من قِبَلِ هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، بالمدن الجديدة التابعة لها، مع إلغاء بند الكثافة السكانية، والتى كان يتم بناءً عليها تحديد عدد الوحدات بالمشروع.
وأوضح الوزير، أن القرار يسمح للمطور العقارى بتقدير عدد الوحدات بالمشروع وفقاً لمقننات المياه القصوى المسموح بها، وتدعيم ذلك بنوتة حسابية لأعمال المياه والصرف الصحى يتم مراجعتها واعتمادها بالهيئة، وتُعتبر من ضمن مستندات استصدار القرار الوزارى باعتماد التخطيط والتقسيم، مع التزام المطور بتوفير أماكن انتظار السيارات لتلك الوحدات وفقاً للكود المصرى للجراجات، مشيراً إلى أن القرار تضمن أنه بالنسبة للمشروعات التى لا تلتزم الهيئة بتوصيل المرافق لها (على سبيل المثال المشروعات بالساحل الشمالى)، والتى يقوم المطور بإقامة محطة تحلية ومحطة معالجة لها، فيتم تحديد عدد الوحدات وفقاً لقدرة المحطات المزمع إنشاؤها، طبقا لتقرير يصدر عن استشارى معتمد من نقابة المهندسين، وبشرط أخذ جميع الموافقات من الجهات المعنية.
كما يتضمن القرار التزام المطور العقارى بتركيب جميع محابس القفل والتحكم فى التصرف على مأخذ أو مآخذ المشروع، بما يضمن عدم تجاوز الكميات المقررة للاستهلاكات التصميمية طبقا للمعدلات الواردة بالبيان، مع التزام المطور بتنفيذ جميع الاحتياجات اللازمة لتخزين مياه للحالات الطارئة (حريق وخلافه)، وتركيب عدادات المياه لجميع الوحدات السكنية وخلافه داخل المشروع، والالتزام بمحاسبة العملاء وفقا لقرار رئيس مجلس الوزراء بتطبيق تعريفة مياه الشرب والصرف الصحي، واستدامة الخدمة، وأي قرارات وزارية في هذا الشأن، وكذلك قيامه بتركيب عداد أو عدادات قياس تصرف رئيسية على المأخذ أو المآخذ الرئيسية للمياه بالمشروع.
معاون وزير الإسكان لشئون هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، الدكتور وليد عباس، قال إن القرار جاء بناءً على ما انتهت إليه الدراسة التى قامت بها الهيئة مُمثلة فى قطاعاتها المعنية، وخبراء مختصين بالبنية التحتية، استجابة لطلب المطورين العقاريين بإعادة النظر في موضوع الكثافة السكانية بالفدان لتتماشى مع متطلبات السوق العقاري، ورغبتهم بتوفير وحدات أكثر ملاءمة لفئات الدخل المتوسط، دون التأثير على حجم المرافق بالمشروع، بما سيعمل على خفض الأسعار والتكلفة على الشركات، ويُساهم في انخفاض أسعار العقارات، مؤكداً سعى الهيئة المستمر لتذليل جميع العقبات، ودراسة جميع المقترحات التى يتقدم بها المستثمرون بما فيه صالح القطاع العقاري فى مصر.
وأضاف معاون وزير الإسكان، لشئون هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، أنه بالنسبة للفيلات الصغيرة بارتفاع (أرضى + أول)، أقصى معامل استغلال مسموح به بالمشروع، 0.4، وأقصى مقنن مائى، 5.35 (ل/م2/يوم)، وبالنسبة للفيلات المتوسطة بارتفاع (أرضى + دورين)، أقصى معامل استغلال مسموح به بالمشروع، 0.6، وأقصى مقنن مائى، 5.15 (ل/م2/يوم)، وبالنسبة للعمارات منحفضة الكثافة (أرضى + 3 أدوار)، أقصى معامل استغلال مسموح به بالمشروع، 1، وأقصى مقنن مائى، 5.71 (ل/م2/يوم)، وبالنسبة للعمارات متوسطة الكثافة (أرضى + 4 أدوار)، أقصى معامل استغلال مسموح به بالمشروع، 1.25، وأقصى مقنن مائى، 5.71 (ل/م2/يوم)، وبالنسبة للعمارات متوسطة الكثافة (أرضى + 5 أدوار)، أقصى معامل استغلال مسموح به بالمشروع، 1.5، وأقصى مقنن مائى، 5.71 (ل/م2/يوم)، وبالنسبة للعمارات عالية الكثافة (أرضى + 6 أدوار)، أقصى معامل استغلال مسموح به بالمشروع، 1.75، وأقصى مقنن مائى، 5.44 (ل/م2/يوم).
القرار رغم أهميته إلا إنه سيكون مثار جدل خلال الفترة القادمة، وقد يتسبب في انفلات عملية تحديد مساحة الوحدات، فقد جاء مشوباً بعدم الوضوح خصوصا في تفاصيل دقيقة للغاية ويجب توضيحها للكافة.. فالأسئلة هامة واجاباتها ستوضح مستقبل وشكل المشروعات العمرانية بل والمنتجات العقارية التي سيشهدها السوق خلال الفترة القادمة.
أولاً:هل تم تحديد حد أقصى لعدد الوحدات في الدور الواحد أم سيترك الأمر لرؤية كل مطور عقاري، وهو أمر ينذر بفوضى في عدد الوحدات وارتفاع كبير في كثافة السكان العددية داخل المشروع الواحد، ما يستتبع ذلك من التأثير على الخدمات العامة المقدمة للعملاء ومنها المساحات الخضراء.
ثانياً: ما الموقف حال تجاوز المطور العقاري حجم مقننات المياه الخاصة لمشروعه، فوفقاً لمعلومات حصلت عليها " إسكان مصر" اليوم، سيتم محاسبته بسعر شريحة استهلاك أعلى مثل الكهرباء، وهنا نعود للنقطة الأولى إنه لن يكون هناك رقيب على عدد الوحدات، كما من الصعب الزام المطور باستهلاك الكمية المخصصة له.
ثالثاً:أليس من الأفضل تحريك نسبة الكثافة في الفدان من 120 إلى 160 فرد رسيماً، بدلاً من ربطها بالمقنن المائي الذي من المؤكد انه سيتم تجاوزه شئناً أم أبينا؟
رابعاً:بالنسبة للساحل الشمالي وغيره تم ربط عدد الوحدات بالقدرة المائية لمحطات التحلية التي يقيمها المطور لخدمة مشروعه، وبناء على شهادة من استشاري يفيد بقدرة هذة المحطة، فهنا كارثة كبرى فمن الممكن أن أنفذ محطة تحلية ضخمة وبدلا من استيعاب المشروع لألف وحدة على سبيل المثال سيتمدد وفقاً لقدرة محطات التحلية ليصل إلى تنفيذ 2000 وحدة مثلا، وهو ما يرفع الكثافة بشكل جنوني.
خامساً: هل التعديلات الجديدة ستسفيد منها المشروعات القائمة وبعضها يعاني من عجز في تسويق الوحدات كبيرة المساحة، أم ان القاعدة تقول ان القوانين والقرارات لا تسري بأثر رجعي وستطبق فقط على المشروعات الجديدة ؟
سادساً: القرار يلزم المطورين بتطبيق تعريفة مياه الشرب والصرف الصحي، واستدامة الخدمة المقررة من مجلس الوزراء، كيف هذا والوزارة عاجزة عن محاسبة مطورين بعضهم يحصل على متر المياه من الدولة بقروش ويبيع المتر للساكن بأكثر من 20 جنيهاً؟