زكاة العقارات .. كل ما تريد معرفته عنها
اسكان مصر – أحمد الجمل
رداً على العديد من الأسئلة الخاصة بالزكاة المستحقة على العقارات سواء ما كان منها للسكن أو الاستثمار، تنقل ( إسكان مصر ) رد مفتي الجمهورية الدكتور شوقي علام على أبرز تلك الأسئلة الخاصة بقدر وموعد زكاة العقارات .
زكاة العقارات
هل العقارات التي تم شراؤها بقصد التجارة (أراضٍ أو مبانٍ) تخرج عنها زكاة المال فور شرائها أم بعد أن يحول عليها الحول؟
وهل يتم إخراج الزكاة عليها سنويًّا قبل بيعها؟
وهل يتم حساب الزكاة المستحقة عليها بالسعر الذي اشتُريت به أم بسعر السوق وقت إخراج الزكاة؟
وإذا تم إخراج الزكاة بعد الحول بالسعر الذي اشتريت به ثم بيعت بعدها بأيام بسعر أكبر فهل يتم إخراج الزكاة عن هذه الزيادة في حينه أم بعد أن يحول عليها الحول؟
الإجابة على سؤال زكاة العقارات كالتالي:
تجب الزكاة في العقارات المشتراة بغرض التجارة بعد مرور الحول لا فور شرائها، والمفتى به أن تخرج الزكاة عنها بعد بيعها؛ كما هو قول المالكية، فإذا بيعت وجبت الزكاة فيها مرة واحدة، ولو مضى عليها أكثر من سنة في ملك صاحبها، لأنَّ العروض ومنها العقارات المعدة للتجارة لا تزكى كل سنة إذا كان صاحبها ينتظر غلاء سعرها، بل تزكى عن سنة واحدة بعد البيع؛
قال العلامة ابن رشد المالكي في "المقدمات الممهدات" (1/ 285، ط. دار المغرب الإسلامي): [وأما غير المدير وهو المحتكر الذي يشتري السلع ويتربص بها النفاق فهذا لا زكاة عليه فيما اشترى من السلع حتى يبيعها وإن أقامت عنده أحوالًا] اهـ.
والمعتمد لدى الفقهاء في زكاة عروض التجارة: أن تُقوَّم بسعر البيع (سعر السوق)، وليس بسعر التكلفة؛ سواء كان سعر السوق أقل أم أكثر من التكلفة؛ لأن الزكاة إنما تجب فيما يملكه التاجر، وسعر السوق هو الذي يملكه في ذلك الوقت؛ ولأن هذا معنى قولهم في مقدار زكاة العروض "ربع عشر القيمة"، فكلمة "القيمة" تعني السعر الذي تُقوَّم به السلعة عند البيع، ولو كان المراد سعر التكلفة لقالوا: "ربع عشر الثمن الذي اشتريت به".
وبناءً على ذلك: فالمفتى به أن العقارات المعدة للتجارة تزكَّى مرة واحدة بعد بيعها، ويكون تقويمها بثمنها السوقي لا بثمن شرائها، فإن كانت الزكاة قد حُسِبَتْ بناءً على ثمن شرائها فعلى بائعها أن يخرج الفرق بين زكاة القيمتين.
للمزيد من التوضيح حول زكاة العقارات فاليكم الآتي:
من المعلوم أن للعقار اليوم وضعاً مختلفاً عن السابق من حيث الرواج والإقبال ، وله أحوال يختلف حكم الزكاة باختلافها . والعقار: يُراد به ما يملكه الإِنسان من الأراضي ، والمنشآت التي عليها من : البيوت، والقصور، والعمائر، والشقق، والدكاكين، ومحطات الوقود، والاستراحـات ، ونحوها.
1- القاعدة العامة في هذا الباب : أن العقار ليس من الأموال الزكوية ، ولذلك فالأصل عدم وجوب الزكاة فيه إلا إذا كان للتجارة .
2- العقار الذي يتخذه الإنسان للسكنى أو لأيِّ استعمالٍ شخصي كمستودع ونحوه : لا زكاة فيه باتفاق العلماء.
وذلك لأن العقار يعد في هذه الحال من أموال القنية ، والزكاة لا تجب فيها بالاتفاق .
وسواء أكانت نية القنية موجودة عند الشراء ، أو طرأت بعد ذلك ، فمجرد نية اقتناء العقار للاستعمال الشخصي تجعله مالاً غير زكوي ، حتى لو بقي سنوات عديدة ، ما دامت نية مالكه لم تتغير عن هذا القصد .
3- الأرض الزراعية لا زكاة فيها ، وإنما تجب الزكاة في الزروع والثمار فقط .
أما إذا اشترى أرضاً للتجارة ، وزرعها ريثما يبيعها ، فأثمر النخل ونبت الزرع ، فإنه يزكي الثمرة والحب : زكاة العشر، ويزكي الأرض : زكاة القيمة ؛ لأنهما حقان يختلف سبب وجوبهما ، فلا يسقط أحدهما بالآخر.
قال زكريا الأنصاري: " فَإِنْ زَرَعَ زَرْعًا لِلْقِنْيَةِ فِي أَرْضٍ لِلتِّجَارَةِ : فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا حُكْمُهُ ، فَتَجِبُ زَكَاةُ الْعَيْنِ فِي الزَّرْعِ ، وَزَكَاةُ التِّجَارَةِ فِي الْأَرْضِ.
4- العقار الذي يتملكه الإنسان بقصد الاستغلال ، أي لتأجيره والاستفادة من ريعه وغلته : لا زكاة في قيمته ، وإنما الزكاة في الأجرة المتحصلة منه إذا حال عليها الحول .
فالمساكن والمستودعات والشقق المفروشة والفنادق والعمائر: كل هذه العقارات إذا أعدت للتأجير : لا زكاة فيها عند عامة العلماء ، فلا يلزمه تقويم هذا العقار كل سنة وإخراج زكاته .
5- العقار الذي يتملكه الإنسان بنية التجارة : تجب فيه الزكاة عند عامة العلماء.
والمراد بنية التجارة : أن ينوي بتملك هذا العقار التكسب منه والتربح . قال المرداوي: " مَعْنَى " نِيَّةِ التِّجَارَةِ : أَنْ يَقْصِدَ التَّكَسُّبَ بِهِ بِالِاعْتِيَاضِ عَنْهُ ". أما مجرد إرادة البيع فلا تجعله بالضرورة من عروض التجارة ؛ لأن بيع السلع يكون لمقاصد كثيرة كالتخلص من السلعة ، أو عدم الرغبة فيها أحيانا ، أو وجود ضائقة مالية ، أو نحو ذلك ، أما التجارة : فهي البيع بقصد التكسب والتربح منها . وقد ذكر الشيخ ابن عثيمين لو أن رجلا عنده أرض اشتراها يريد أن يبني عليها ثم عدل عن هذه النية ونوى أن يبيعها لاستغنائه عنها ، أو أن إنسانا عنده أراض فاحتاج , فنوى أن يبيع واحدة منها لدفع حاجته ، فقال : " فليس عليه زكاة لا في هذه ولا في التي قبلها , لأنه ما نوى البيع هنا للتجارة , لكن نواه في المسألة الأولى لاستغنائه عنها , وفي المسألة الثانية نواه لحاجته إلى قيمتها , بخلاف صاحب العروض فإنه ينتظر فيها الربح ، فهو من الأصل لا يريد إلا أن تكون للتجارة".
6- إذا تملك العقار ولم يجزم بقصد التجارة أو لم تكن له نية محددة : فلا زكاة فيه، قال القرافي: " فَإِنِ اشْتَرَى وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَهِيَ لِلْقِنْيَةِ ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِيهَا " .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: رجل عنده أرض واختلفت نيته فيها، لا يدري هل هو يبيعها أو يعمرها أو يؤجرها أو يسكنها، فهل يزكي إذا حال الحول؟
فأجاب: " هذه الأرض ليس فيها زكاة أصلاً ما دام ليس عنده عزم أكيد على أنها تجارة ، فليس فيها زكاة لأنه متردد ، ومع التردد لو واحداً في المائة فلا زكاة عليه".
7- إذا تملك العقار للقنية والسكنى ، ثم نوى به التجارة بعد ذلك ، ففي وجوب الزكاة فيه خلاف، وقد سبق ترجيح القول بوجوب الزكاة فيها .
8- إذا تملك العقار بنية التجارة ، ثم غير نيته ونوى فيه القنية والاستعمال أو التأجير: فلا زكاة فيه. لأن شرط النية استصحابها حتى نهاية الحول ، فإذا غير نيته قبل نهاية الحول: سقطت الزكاة، وقال النووي: " لَوْ قَصَدَ الْقُنْيَةَ بِمَالِ التِّجَارَةِ الَّذِي عِنْدَهُ فَإِنَّهُ يَصِيرُ قُنْيَةً بِالِاتِّفَاقِ" .
9- إذا تملك العقار للقنية مع التجارة ، أو للتجارة مع القنية : فالعبرة بأصل التملك .
فمن اقتنى شيئاً من السلع بنية الاستعمال ، ونوى تبعاً أنه إن وجد فيه ربحا باعه : فلا زكاة عليه .
ومن اقتنى شيئاً من السلع بنية التجارة ، واستعمله وانتفع به ريثما يتم بيعه : فتجب فيه الزكاة كل سنة حتى يتم بيعه . وكذلك إذا قصد الاستعمال والانتفاع لمدة محددة قبل البيع : فتجب فيها زكاة العروض ؛ لأن نية الاستعمال أولاً لا تنافي كونها مرصدةً للتجارة .
10- إذا كان العقار لا يزال في مرحلة البناء والإنشاء – وهو للتجارة - فتجب فيه الزكاة سواء كان معروضاً للبيع أو لن يتم بيعه إلا بعد الانتهاء من بناءه ، ويزكيه بحسب قيمته على حالته الراهنة وقت وجوب الزكاة .
11- العقار الذي يتربص به صاحبه ارتفاع الأسعار: تجب الزكاة فيه كل سنة بحسب قيمته ، ولو بقي سنين .
فشراء العقار على نية التربح منه في المستقبل البعيد : لا يسقط الزكاة عنه .
ومنه شراء المخططات البعيدة عن البلد انتظاراً لوقت رغبة الناس فيها وارتفاع سعرها : فهذه النية المستقبلية في بيع الأرض موجبة لزكاتها، ولا تأثير لتأجيل نية البيع ، ما دامت الأرض مرصدة للتجارة ، والمقصود منها نماء المال.
وهذا يسميه أهل العلم "التاجر المتربص" وأصح الأقوال فيه هو ما ذهب إليه جمهور العلماء من وجوب الزكاة عليه في كل عام .
12- العقار الذي يشتريه صاحبه بنية حفظ المال : لا زكاة فيه إلا إن قصد الفرار من الزكاة.
13- إذا اشترى عقاراً تجارياً ولم يقبضه حتى حال الحول على المال الذي اشتراه به : فتجب الزكاة فيه ؛ لأن العقار تنتقل ملكيته للمشتري بمجرد العقد ، والقبض مقدور عليه بالنسبة له.
سئل الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله تعالى -: رجل اشترى أرضاً معدة للتجارة بمبلغ من المال، علماً بأن هذا الرجل لم يستلم الأرض حتى الآن، ولا حتى صكها، فهل عليها زكاة؟
فأجاب بقوله: " نعم عليه الزكاة في هذه الأرض، ولو لم يستلم الصك، مادام البيع قد ثبت ولزم، فيزكيها زكاة عروض تجارة، فيقومها حين وجوب الزكاة بما تساوي، ويخرج ربع عشر قيمتها". انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل العثيمين".
14- العقارات المرهونة : تجب فيها الزكاة إذا كانت معدة للتجارة .
قال الشيخ ابن باز : " فإن كنت أعددتها للتجارة وهي مرهونة فعليك زكاتها، وإن كانت مرهونة ولم تعد للتجارة ، ولكن مرهونة حتى توفيه حقه، وإذا أوفيته فهي للسكن أو للتأجير، فهذه ليس فيها زكاة ".
15- الشركاء في ملكية العقار يزكي كل واحد منهم نصيبه إذا كان قد بلغ النصاب عند الجمهور .
قال الشيخ بكر أبو زيد : "الشركاء في عقار يشترط في وجوب الزكاة على كل واحد منهم, أن تبلغ قيمة نصيبه من العقار نصاباً في نفسه, أو بضمه إلى مال لـه زكوي آخـر من نقد عُرُوْض تجارة" انتهى من " فتوى جامعة في زكاة العقار "
بيان أن مذهب الشافعية العبرة بالمجموع لا بنصاب كل فرد ، فإذا كانت قيمة العقار تبلغ النصاب يجب على كل واحد منهم الزكاة ولو كان نصيبه لا يبلغ النصاب ، وبه أخذ مجمع الفقه الإسلامي ، ومال له الشيخ ابن عثيمين .
16- العقار الموقوف على جهات البر العامة كالفقراء: لا زكاة فيه؛ لانتفاء الملك.
17- لا فرق في وجوب الزكاة بين العقار الرائج والكاسد ما دام له قيمة يباع بها .
وهذا مذهب جمهور العلماء ؛ لأن الاعتبار الذي قام على أساسه إيجاب الزَّكاة في عروض التجارة أنَّها مال مرصَد للنماء ، مثل النقود ، سواء أنمت بالفعل أم لا، وسواء ربحت أم خسرت .
فلا أثر للكساد في باب الزكاة مادام أن للعروض قيمة سوقية حقيقية، ويمكن أن تباع وتشترى.
وفي "فتاوى اللجنة الدائمة: " الأرض المعروضة للبيع تجب فيها الزكاة كلما تم عليها الحول؛ لأنها من عروض التجارة، وتقدر قيمتها بما تساوي على رأس السنة، ويخرج منها ربع العشر، سواء كانت رائجة أو كاسدة؛ لعموم الأدلة في وجوب الزكاة فيما أعد للبيع والتجارة".
وقال الشيخ عبد الرحمن البراك : " ليس لكساد العقار أثر في سقوط الزكاة، بل في نقص مقدار الزكاة؛ فإن الأرض الكاسدة تقوَّم بالسعر الذي يمكن أن تشترى به مهما قلَّ" انتهى.
لكن إذا كسد العقار بحيث أصبح صاحبه يعرضه للبيع ولا يجد من يشتريه منه ، فمن العلماء من قال يزكيه إذا باعه لسنة واحدة .
18- المساهمات العقارية ، تزكى زكاة عروض التجارة ، لأن هذه الشركات العقارية تشتري الأرض بقصد التجارة فيها . فيجب على المساهم في نهاية حوله أن يقوّم أسهمه في هذه الشركة بما تساويه ، ويخرج زكاتها ، ربع العشر .
19- العقارات المحجوزة والمساهمات العقارية المتعثرة : لا زكاة فيها ، وهي في حكم "مال الضِّمار". " فالأرض التي تحجز في المخططات ، كمرافق ومدارس وغير ذلك ، ومالكها ممنوع من التصرف فيها ، إلا إذا قررت الجهة الرسمية عدم الرغبة فيها ، فلا زكاة فيها إلا بعد تمكين مالكها من التصرف فيها ، فيستقبل في زكاتها حولا من تاريخ التمكين من التصرف فيها " .
كذلك المساهمات العقارية المتعثرة : وقد يكون سبب التعثر راجعا إلى النصب والاحتيال من إدارة الشركة ، وقد يكون السبب عوائق في أنظمة الدولة، أو بسب وجود خصومات أو استحقاقات على ذلك العقار، وأيا كان الحال فإن المساهمة العقارية التي لا يستطيع صاحبها التصرف فيها : لا زكاة فيها .
20- يقوَّم العقار في نهاية الحول بقيمته في السوق وقت حلول الحول ، وقد ينقص أو يزيد عن سعر الشراء.
21- حساب الحول لا يبدأ من وقت شراء العقار ، بل يكون حوله حول المال الذي اشتراه به.