"إسكان مصر" تدق ناقوس الخطر: حدائــــق أكتوبـر مهددة بالغـــرق
محطة معالجة "هرم سيتي" معرضة للانهيار..و3 آلاف متر مكعب من المياه تهدد طريق الواحات والمنشآت المجاورة
مخاوف من تكرار كارثة الدويقة فى كومباوند ريحانة و"النايل سات"
السكان: الكارثة المرتقبة وراء أزمة انقطاع المياه.. و"أوراسكوم" تتهمهم بإثارة الفوضى
الشركة تقر بوجود البحيرة.. و"جهاز حدائق أكتوبر" آخر من يعلم
إسكان مصر – تحقيـق شيماء زايـــد:
فتحت "إسكان مصر" فى العدد قبل الماضى ملف الإهمال في مدينة هرم سيتى، فى السادس من أكتوبر، والتابعة لشركة أوراسكوم التى يملكها رجل الأعمال المصرى سميح ساويرس، ورصدنا فى جولة ميدانية معاناة السكان من انتشار العشوائية، في تقرير معنون بـ("هــــرم سيتى".. السكان يغرقــــــون فى كوابيس المدينة).
سجلنا أيضا بالصور أن المبانى السكنية بدون قواعد خراسانية وهو ما تسبب فى التصدعات التى أصابت الحوائط الحاملة، بالإضافة إلى التداخل الاجتماعى بين سكان الإيواء والملاك، ومفارقة صورة المنازل العشوائية التى يلتف حولها الماعز والأغنام والدجاج، والورش، فى المقابل وحدات سكنية متجملة بالزهور والأشجار، تقف أمامها السيارات الفارهة، والمشكلة الاجتماعية القائمة بين سكان المنطقتين، وكيف أن المدينة لم تحقق الكفاءة الاجتماعية كم لم تحقق هدفها الرئيسى المتمثل فى القضاء على العشوائيات.
اليوم تدق "إسكان مصر" أجراس الخطر، وتحقق فى كارثة قد تهدد ليس هرم سيتى وحدها، بل مدينة الإنتاج الإعلامى، وكومباوند ريحانة، والنايل سات، المواجهة لبحيرة معالجة مياه الصرف الصحى التى تفيض بالمياه إلى حد بلغت الكمية بها 3 آلاف متر مكعب والمحاطة بحاجز صخري معرض للانهيار في أية لحظة.
البدايـــة
رغم أن مدينة هرم سيتى التابعة لشركة أوراسكوم للإسكان حديثة التشييد، إذ لم يمر على إنشائها أكثر من 11 عاما، (إطلاق المشروع كان في مايو2007)، فإن التجاوزات القانونية تحوم حول المدينة، بداية من التعاقد مرورا بما شهده المشروع من مخالفات تستوجب سحب الأرض وعودتها لولاية هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة.
بحيرة الصرف الصحى
تنازلت شركة أوراسكوم فى تعاقدها مع وزارة الإسكان فى المخطط الصادر بموجب القرار الوزاري رقم ٤٦١لسنة ٢٠٠٧ عن مرفق الصرف الصحى التابع للدولة، على أن تنشئ محطة معالجة لمياه الصرف الصحي وبيع المياه المعالجة لري المساحات الخضراء في المدينة وخارجها وفي التجمعات السكانية المجاورة، إذ يــُجرم الري بالمياه الصالحة للشرب، ويعاقب بالغرامة. على أن يرجع عائد هذه المياه بالخدمات للسكان.
بالفعل وافقت الوزارة آنذاك، فأنشأت شركة أوراسكوم محطة معالجة مياه مباشرة تصب فى بحيرة مليئة بمياه الصرف الصحى المعالج، وبدأت فى بيع متر الماء المكعب بـ3 جنيهات، وبعد فترة رفعت الشركة سعر المتر المكعب إلى 10 جنيهات، فاستغنت الشركات عن خدماتها وفقاً لما اكدته مصادر –طلبت عدم الكشف عن هويتها- ، إذ أصبح سعر متر مياه الشرب بالغرامة أقل مما تقدمه عروض أوراسكوم، وهو ما أثر بدوره على البحيرة فلم تعد المياه تباع ولا تشترى، علما بأن كمية المياه المعالجة والناتجة عن الصرف الصحى تبلغ يوميا 12 ألف متر مكعب.
منذ بداية أزمة أوراسكوم مع شركات التي تشتري كميات من المياه المعالجة، التى بدأت فى ديسمبر 2017 وتستمر إلى الآن، فقد بلغ منسوب المياه 3 آلاف متر مكعب، محاطة بحاجز صخرى معرض للانهيار نظرا لطبيعة التربة الطفلية، وهو ما يهدد بدوره المنشآت المواجهة لها والمتمثلة فى (كومباوند ريحانة، ومدينة الإنتاج الإعلامى، والنايل سات)، إذ ترتفع مدينة هرم سيتى 15 مترا عن طريق الواحات أو ما يعرف أيضا بطريق (غرب سوميد، أو طريق حدائق أكتوبر)، ويحذر الكثير من انهيار حاجز البحيرة الصخرى مع زيادة منسوب المياه التى لم تعد تباع، فنكون أمام كارثة حقيقية تعيد إلى الأذهان انهيار صخرة الدويقة، حيث ستجتاح المياه كافة المنشآت الواقعة في طريق اندفاعها.
الكارثة المرتقبة وراء انقطاع المياه
أيمن النقلى، المتحدث باسم مجلس أمناء سكان هرم سيتى، يقول: "مشكلة المياه بدأت منذ شهر ونصف بالانقطاع المتكرر وبصفة يومية، ولأكثر من ٦ ساعات خاصة وقت الذروة".
وأضاف النقلى: "توجهنا إلى إدارة المدينة لاستيضاح الأمر، وأفادوا بأن انقطاع المياه لا علاقة لهم به، والمشكلة ترجع إلى شركة المياه، وأشار إلى أن مشكلة المياه ليست الوحيدة، بل هناك عدد لا حصر له من المشكلات، بينها "عدم وجود مستشفى، أو نادى، بالإضافة إلى انهيار بعض الوحدات وسوء مرفق الكهرباء".
وأكد المتحدث باسم مجلس الأمناء، أن الأوضاع تنذر بكارثة، خاصة مع تعنت المسؤولين عن المدينة ضدهم، ورفضهم كل الحلول المطروحة، وتساءل هل لبحيرة المياه المعالجة علاقة بموضوع قطع المياه لتقليل كميات الصرف الصحي؟
القانون يعاقب بالحبس والغرامة
تنص المادة 53 من قانون "المياه الجديد" على أنه: يُعاقب بالحبس وبغرامة لا تزيد عن 50 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من قام أثناء تأدية أعمال وظيفته فى مرافق مياه الشرب أو الصرف الصحى أو شارك فى أى مما ياتى: الامتناع عمداً عن تقديم أى من خدمات مياه الشرب أو الصرف الصحى دون عذر أو سند قانونى.
كما تشير المادة 54 على أنه "يُعاقب المسئول عن الإدارة الفعلية للشخص الاعتبارى المخالف بذات العقوبات المقررة عن الأفعال، التى ترتكب بالمخالفة لأحكام هذا القانون إذا ثبت علمه بها وكان إخلاله بالواجبات التى تفرضها عليه هذه الإدارة قد أسهم فى وقوع الجريمة". بالإضافة إلى أنه "يكون الشخص الاعتبارى مسئولا بالتضامن عن الوفاء بما يحكم به من عقوبات مالية وتعويضات بالتطبيق لأحكام هذا القانون".
السكان يروون المأساة
"ت.ق"، أحد سكان المدينة ويعمل مدرسا بالمعهد العالى للسينما، قال إن ١٥ ألف أسرة يقعون أسرى فى قبضة أوراسكوم، ويتساءل: " كيف لنا أن نساعد على تقدم الدولة ونهضتها بالكثير من الطرق المرصوفة، بينما مازلنا نعيش هنا في طرق ترابية".
ويرى "ع.ن"، يعمل بمهنة المحاماة، أن ما يحدث خطة ممنهجة من الإدارة الجديدة، وأشار إلى أنه حرر محضرا بقسم ثالث أكتوبر يفيد بقطع شركة أوراسكوم المياه يوميا عن السكان.
بينما أفاد أحد المسؤلين بشركة المياه، رفض ذكر اسمه، بأن البعض طالبه بالتنبيه على سكان مدينة هرم سيتى بما يفيد قطع المياه من الساعة الواحدة إلى الساعة الرابعة عصراً بشكل يومي، وهو ما رفضه لمخالفته للقانون.
وأضاف أنه أشار على الشركة بتخفيض منسوب بحيرة الصرف الصحي وحل المشكلة، وهو ما دفعه للتقدم ببلاغ للنيابة العامة، والتى طلبت تحريات حول مدى ضلوع الشركة من عدمه في واقعة قطع المياه عن السكان، وسؤال الشركة القابضة للمياه في صحة الواقعة ومعرفة الأسباب.
وأوضح "هـ.ع"، مدرس، أن الوضع بالمدينة يزداد سوءا يوما تلو الآخر، وأنهم اشتروا هذه الوحدات بمبالغ كبيرة واكتشفوا أنها لا تساوى ربع ثمنها.. تغربنا عن أهلنا وأقاربنا لبناء مستقبل أفضل لابنائنا، ولم نكن نعلم مصيرنا المجهول الذي سيفضى بنا إلى الهاوية، رضينا بالعشوائية والاعتماد على أنفسنا، ولكننا الآن في كارثه صحية، بالإضافة إلى ما نعانيه من تجميع مياه الصرف الصحي في بركة ضخمة داخل المدينة، ما يؤدى إلى انتشار الحشرات والأوبئة، وتساءل الرجل: أين وزارةالإسكان وجهاز مدينة حدائق أكتوبر مما يحدث من تعسف وإهانة للمواطنين؟ وهل ستتركنا الوزارة فريسة لأصحاب المال والنفوذ؟
وأشار "س.ف" إلى أن شركة أوراسكوم لا ترد على المخاطبات الرسمية عبر البريد الإلكترونى للشركة، ولا بشكاوى السكان، رغم علم إدارة الشركة بأن للسكان حق، ووصف ممارساتهم بـ"العنجهية الفاشلة"، التى ستسهم في سقوط المؤسسة.
الانهيار المترقب
من جانبه، صرح مسؤل بشركه معالجة المياه التابعة لأوراسكوم، رفض ذكر اسمه، أن الوضع خطير جدا علي كافة الأصعدة، وأن المتضرر من انهيار البحيرة الذي أصبح مرتقبا هى منطقة غرب سوميد، التى تشمل مدينة الإنتاج الإعلامى، والنايل سات، وكومباوند ريحانة الواقع شمال غرب هرم سيتي، نظرا لارتفاع منسوب مدينه هرم سيتي عن هذه المناطق بـ١٥ مترا.
وأكد على أن الموقف غاية فى الصعوبة، خاصة بعد أن فسخت أوراسكوم تعاقدات هرم سيتى مع مستهلكى المياه من أصحاب المسطحات الخضراء، بعد رفع سعر المتر المكعب من ٣ إلى ١٠ جنيهات، ما أدى إلى تراكم المياه التى وصل منسوبها إلى 3 آلاف متر مكعب.
وأشار إلى أن المياه سيتم قطعها مرارا وتكرارا عن السكان الفترة المقبلة، لتقليل الاستهلاك وتخفيض منسوب المياه فى بحيرة الصرف المهددة بالانهيار، وهو ما اضطر إدارة الشركة الأيام الماضية بعد ضغط السكان إلى شفط بعض المياه من البحيرة، وإلقائها في الأماكن المتصحرة بالمدينة، ما أدى بدوره إلى انتشار الأوبئة والأمراض.
حق الــرد
"إسكان مصر" التقت مسئولا بشركة أوراسكوم، رفض نشر اسمه، وأقر بأن البحيرة موجودة بالفعل منذ عام 2006، ويبلغ عمقها أكثر من 22 مترا، وتبعد عن حدود مدينة هرم سيتى بحوالى 1820مترا، ويتم تصريف فائض محطات معالجة المياه بها.
وأضاف أن شركة أوراسكوم تمتلك محطتين للمعالجة، تبلغ قدرتهما 1100 متر مكعب يوميا, كما تقوم أيضا محطات حكومية أخرى بصرف الفائض مثل محطة مياه الجيزة، والتى تقع خلف مكان البحيرة مباشرة, وأشار إلى وزارة الإسكان على علم بوجود هذا الموقع، وأن هيئة توزيع مياه الجيزة هى من اختارت موقعه.
وأكد أن هذه المياه ليست مياه صرف صحى خام كما انتشرت الشائعات داخل هرم سيتى, وأن هذه المياه يتم التخلص منها عن طريق رى المسطحات الخضراء داخل وخارج المدينة، فضلا عن بيعها لأصحاب المصانع.
وبسؤاله حول تكرار أزمة انقطاع المياه بصفة يومية، أكد المسؤل أن شركة أوراسكوم غير منوطة بهذا الأمر، مشيرا إلى أن الشركة لديها إخطار من محطة مياه 6 أكتوبر بقطع المياه في أوقات الذروة، مؤكدا عدم وجود محبس للمياه داخل المدينة، بينما التقطت كاميرات "إسكان مصر" صورا للمحبس داخل حدود المدينة.
وعلق المسؤل على بعض شكاوى السكان بأن الإدارة السابقة للشركة كانت دون المستوى، مشيدا بدور الإدارة الجديدة في تطهير الشركة من الموظفين غير الأكفاء, واتهم بعض السكان بأن لهم منافع شخصية تدفعهم لإثارة الفوضى، وأشار إلى أن عددهم قليل لا يتجاوز الـ300 شخص، بينما يسكن المدينة 35 ألف أسرة غيرهم، ولم يصدر عنهم أى شكاوى.
..وجهاز أكتوبر ينفى وجود البحيرة
بينما نفى المهندس صلاح متولى، رئيس جهاز تنمية مدينة حدائق أكتوبر، علمة بواقعة وجود البحيرة المشار إليها، وأكد أن جهاز حدائق أكتوبر لم يتلق أى بلاغات سواء من المواطنين أو من إدارة شركة أوراسكوم, وأشار إلى أنه إذا صحت الوقائع فعلى المواطنين التوجه للجهاز بشكواهم، وشدد على أنه لا يوجد أي سبب يدفع جهاز مدينة حدائق اكتوبر لقطع المياه عن سكان مدينة هرم سيتي.