بلاغ للنائب العام: من يحمي الفاسدين في شركة مياه الشرب والصرف الصحي بأسيوط؟
الشركة احترفت إهدار المال العام وتربيح المقاولين.. وتقارير رقابية ترصد عشرات الجرائم المالية والإدارية
"المركزي للمحاسبات": المشرف على لجان استلام الأعمال هو نفسه استشاري شركات المقاولات
فرع أسيوط سرق أموال الدولة وأضاع معونات الإحلال والتجديد.. والشركة القابضة في غيبوبة
كتب- محمود الجندي
لا حديث داخل شركة مياه الشرب والصرف الصحي بمحافظة أسيوط والوادي الجديد والتي يرأس مجلس إدارتها المهندس محمد صلاح عبد الغفار، سوى عن وقائع إهدار المال العام وتسهيل الاستيلاء عليه، فرائحة الفساد المالي والإداري تزكم الأنوف فيما تخض الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي برئاسة المهندس ممدوح رسلان الطرف عن فتح تحقيقات موسعة في تلك الوقائع والثابتة بمستندات لا تقبل التشكيك، تاركين رئيس الشركة في موقعه ما فتح الباب لكثير من الشائعات التي طالت الكبار في وزارة الإسكان والمرافق.
"إسكان مصر" تفتح على حلقات متتابعة ملف إهدار المال العام في شركة مياه الشرب والصرف الصحي بأسيوط، وكيف تلاعب قلة من الموظفين بملايين الجنيهات وسهلوا للمقاولين الاستيلاء عليه، بل ذهبوا إلى ما هو أبعد من ذلك بالإضرار بصحة المواطنين وعدم القيام بواجبهم الوظيفي ومراعاة أصول الصناعة في المشروعات التي تم تنفيذها خلال السنوات الماضية.
التقرير الصادر عن الجهاز المركزي للمحاسبات، رصد العديد من المخالفات التي تستوجب ابعاد المتورطين فيها عن مواقعهم الوظيفية لحين انتهاء التحقيق معهم، لكن لا أحد يتحرك ، والجميع يتماهى مع موجات الفساد ويشارك في هدم الوطن يتساوى ذلك مع من يرفعون السلاح في وجه الدولة.
حيث يكشف التقرير الخاص بفحص أعمال الشركة عن السنة المالية 2015 / 2016 في بدايته عن حالة الضعف الشديد التي تعانيها الشركة خاصة في متابعة أعمال المقاولات والتوريدات التي تمت بالشركة خلال فترة الفحص، وتحويل ملفات المشروعات الجاري تنفيذها للنيابة للتحقيق في المخالفات التي شابتها.
الجهاز المركزي وضع يد على نقاط الفساد في الشركة، حيث أشار إلى قيام الشركة بطرح مناقصات لتنفيذ عدة آبار بمناقصات محدودة بالمخالفة للقانون، حيث يجب طرحها في مناقصات عامة كونها من الأعمال المتكررة ولوجود ميزة سعرية وفنية في المناقصات العامة وفقاً لما هو متبع سنويا في مثل هذه الأعمال ما تسبب في إهدار 1,6 مليون جنيه في بند واحد.
وتابع الجهاز قائلاً في تقريره، أهدرت الشركة برئاسة محمد صلاح عبد الغفار 17 ألف جنيه فروق في بند المواسير السادة والفلتر لعملية إحلال وتجديد 3 آبار بالمنشأة الكبرى والسراقنا ومنشأة خشبة، والتي تم ترسيتها بزيادة 50 جنيها في متر المواسير السادة و74 جنيها لمواسير الفلتر عن مثيلتها من العمليات التي نفذت بعد تلك العملية بخمسة أشهر.
كما قامت الشركة بالترسية في مناقصات محدودة بحجة وجود حاجة ماسة وعاجلة تستدعي ذلك، فيما كشفت المستندات تأخر عملية الطرح والترسية لأكثر من 4 أشهر، فضلا عن تأخر المقاولين في بدء الأعمال المسندة إليهم ما يكشف زيف ادعاءات الشركة.
الفساد امتد إلى ما هو أبعد من ذلك، حيث تبين أن المهندس المشرف على العملية والمعين من طرف الشركة هو نفسه رئيس لجنة استلام الأعمال من المقاول، ورئيس لجنة فحص التوريدات من المقاول إلى مخازن الشركة ولكافة العمليات، وتبين أن المهندس ذاته وافق على استلام الشركة لـ3 طلمبات والمحركات الموردة لعملية إحلال وتجديد الأبار الثلاثة، وبالفحص تبين أن سنة الصنع للطلمبات تعود إلى عام 2002 وللمحركات 2008 كما لم يتم التأكد من صلاحيتهم للتشغيل من عدمه.
شركة مياه الشرب ورئيسها محمد صلاح عبد الغفار لم يكتفيا بإهدار أموال الدولة ولكن أضاعوا عليها ملايين الجنيهات المقدمة كمعونة لإحلال وتجديد 17 بئراً بقيمة 611 مليون جنيه، حيث خاطبت الشركة القابضة لمياه الشرب، رئيس فرع أسيوط لإرسال بيانات بالمشروعات الضرورية في المناطق الساخنة المقرر تنفيذها لتوفير التمويل اللازم لها من طرف وزارة الإسكان بشرط تسليمها قبل حلول 30 يونيو 2015 ، إلا أن فرع أسيوط تجاهل المكاتبات وطرح العمليات على المقاولين بعدها بفترة طويلة ما أضاع التمويل الخارجي المقرر لها.
كما تسببت الشركة في تأخر عملية توريد 9 طلمبات وعدم تسوية بند الكابلات المورد بمبلغ 178 ألف جنيه، فضلا عن تأخر المقاول في اتمام جزء من بند أخر تبلغ قيمته حوالي 710 ألف جنيه، و358 ألف جنيه باقي أمر التوريد، بالإضافة إلى بند الشاسية والبالغ قيمته 31 ألف جنيه ولم يتم توريده، ليبلغ إجمالي الأموال المهدرة في عملية واحدة 1.3 مليون جنيه من خطة الإحلال والتجديد لعامي 2014/2015 .
الجهاز المركزي للمحاسبات أشار في تقريره إلى عدم وجود أسس علمية واضحة يتم على أساسها تقييم الأسعار التقديرية بالمناقصات، ما أسعر عن اختلافات وفروق كبيرة عند مقارنة القيم التقديرية بالقيمة الفعلية.
في العدد القادم.. ننشر تفاصيل ووقائع جديدة حول التلاعب في مستخلصات المقاولين وصرف ملايين مقابل أعمال لم تنفذ على الطبيعة.. انتظرونا
رغم نشرنا الحلقة الأولى من الفساد المستشري داخل شركة مياه الشرب والصرف الصحي بأسيوط والوادي الجديد برئاسة المهندس محمد صلاح الدين عبد الغفار، والتي رصدها تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات، إلا أن المهندس ممدوح رسلان رئيس الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي لم يحرك ساكناً، تاركاً المجال مفتوحاً أمام عشرات الاتهامات التي تشير إلى علمه بما يجري داخل فرع الشركة بأسيوط وتأكده من استفحال الفساد، بل أن بعض الاتهامات ذهبت إلى ما هو أبعد من ذلك وهو ما ستلقى "إسكان مصر" الضوء عليه في الحلقات القادمة.
في هذه الحلقة ننقل وقائع جديدة من إهدار المال العام والتلاعب بأموال الدولة داخل شركة مياه أسيوط، حيث أكد تقرير جهاز المحاسبات وجود فروق زمنية كبيرة بين تاريخ انتهاء الأعمال المنفذة وإعداد مستخلصات الصرف الخاصة بالمقاولين وتسليمها للإدارة المالية مما يؤدي إلى تفادي المقاول غرامات التأخير وعدم الرقابة على الأعمال المنفذة بالمستخلص، مع العلم بأن بعض المستخلصات غير مؤرخة من المهندس المشرف على العملية وبما يخالف نظم الضبط والرقابة الداخلية.
كما رصد التقرير عدم تقديم كراسة الحصر عند اعداد المستخلص الجاري ويتم تقديمها عند اعداد المستخلص الختامي فور انتهاء الأعمال المراد صرف قيمتها للمقاول، كما تم تضمين المستخلصات أعمال لم تنفذ على الطبيعة .
أيضاً ارتكبت الشركة مخالفات مالية وإدارية تسببت في تكبيد المال العام مبالغ بدون وجه حق نظير عدم اتباع التعليمات الواردة بكراسة الشروط، حيث تلاحظ تضمين مستخلص عملية إحلال وتجديد عدد 8 آبار بالحفار الميكانيكي نحو 27 ألف جنيه نظير التصوير الاشعاعي والكهرباء للأبار التي ثبت عدم صلاحيتها بالمخالفة لكراسة الشروط والمواصفات التي تلزم المقاول بإجراء التصوير الاشعاعي والتصوير بعد التأكد من صلاحية الآبار وتحويلها لآبار انتاجية، حيث أوصى التقرير بتحصيل الأموال من المتسبب في ذلك.
وأشار تقرير الجهاز إلى كارثة أخرى تتمثل في وجود العديد من الآبار الانتاجية التي تعمل بالشركة رغم عدم مطابقة العينات الكيميائية الواردة من قطاع المعامل بالشركة لقرار وزير الصحة رقم 458 لسنة 2007 بالإضافة إلى عدم إجراء تحليل بكترولوجي لمعظم الآبار الانتاجية بالمخالفة لكراسة الشروط والمواصفات.
شركة المياه التي تحولت إلى عزبة خاصة ونهيبه لكل من هب ودب، لم يلتزم فيها المهندسون المشرفون على تنفيذ ودق الآبار بالتصميم المقترح الوارد ضمن تقرير التصوير الاشعاعي والكهربائي للآبار الانتاجية ومنها تنفيذ بئري قرية المنشأة الكبرى وقرية السراقنا والذي تحملت شركة المياه 30 ألف جنيه قيمة التقرير المقترح للتنفيذ ولم تلتزم به.
كما خالفت الشركة القانون بعدم الدقة الفنية في دق الآبار وفقاً لما ورد بكراسة الشروط، حيث اعدت كراسة شروط تنص على دق 6 آبار بالحفار الميكانيكي بتكلفة 432 جنيهاً للمتر في حين تم دق 3 آبار فقط بالقايسون اليدوي بتكلفة 308 جنيه للمتر بما يؤثر على اجراءات الطرح والترسية للعمليات.
الشركة التي برعت في إهدار المال العام، وافقت على خصم قيم الأعمال الغير منفذة عن طريق المقاولين بقيم أخرى تقل بكثير عن المعتمد من الشركة في كراسة الشروط، حيث خصمت قيمة عدم تركيب الطلمبات لعملية إحلال وتجديد 3 آبار بمشروع تنمية عدد 10 قرى بصعيد مصر بواقع 3 آلاف جنيه عن الطلمبة و5 آلاف جنيه عن نفس البند لمشروع إحلال وتجديد 8 آبار بالمناطق الساخنة على الرغم من تقدير قيمة الطلمبة والتركيب في كراسة الشروط بمبلغ 20 ألف جنيه ، ويتضح ذلك من تقدير الشركة قيمة توريد وتركيب لكافة أعمال الآبار بمبلغ 200 ألف جنيه، أي أنها قدرت سعر الطلمبة توريد فقط بمبلغ 180 ألف جنيه وتركيب بمبلغ 20 ألف جنيه رغم تشابه الطلمبات.
كما ارتكبت الشركة خطأ أخر تمثل في عدم تحديد احتياجاتها بكميات دقيقة ما أدى إلى إجراء مناقصات محدودة لكميات صغيرة ثم إصدار ملاحق لأمر التشغيل بباقي الكميات، ففي 30 أبريل 2015 أصدرت أمر توريد رمال بقيمة 817 ألف جنيه، ثم أصدرت ملحق لأمر التوريد رقم 37 في 13 سبتمبر 2015 بنحو 99 ألف جنيه، ثم أمر توريد أخر بمبلغ 580 ألف جنيه لتوريد زلط ورمل، وعقب ذلك أصدرت أمر توريد بمبلغ 444 ألف جنيه في 1 فبراير 2016 بالإضافة إلى عدم استخدام معظم الكميات الموردة من الزلط والرمل حتى تاريخ صدور التقرير، مما ينتفي معه الحاجة الماسة والعاجلة لطرح مناقصة محدودة وقبول عطاء وحيد.
على الرغم من أن مناقصة الزلط تم طرحها أكثر من مرة لانخفاض السعر التقديري عن سعر المقاول "شركة الكتروميكا" والتي رفض التفاوض مع شركة مياه الشرب، الأمر الذي دفع بالشركة لالغاء المناقصة وإعادة الطرح بسعر يقارب نفس السعر المقدم من المقاول، وتم ترسيتها على نفس المقاول رغم انه مقيد في سجل المقاولات وليس التوريدات، كما لم ترسل له دعوة للاشتراك في المناقصة من الأساس، فضلاً عن عدم دقة الأسعار الواردة في المقايسة التقديرية.
بعض شركات المقاولات تفهمت مناخ الفساد في الشركة وقام بعضهم بتزويير بعض التوقيعات ومخاطبة البنوك لصرف مستحقاتهم عن العملية التى نفذتها الشركة بالمخالفة للمواصفات، ومنها قيام شركة مياه أسيوط بقبول شركة "المؤسسة العالمية" فنياً لمناقصة عامة لعملية إحلال وتجديد جزء من محطو قرية موط 1و2 وتبين قيام المقاول بتوريد محرك للعملية مصري الصنع بالمخالفة لكراسة الشروط التي نصت على أن يكون المحرك ياباني او أمريكي او غربي الصنع، وأن يقدم المقاول شهادة من الهيئة القومية تفيد بأن الطلمبات مصنعة من أنقى أنواع الزهر الرمادي ورئيس الطلمبات من الزهر المرن، وهو مالم يحدث.
كما تم توريد مشتركات ووصلات تركيب ولوحة كهربائية بمواصفات مخالفة لكراسة الشروط التي تقدم بها المقاول في عطائه الفني.
تقرير جهاز المحاسبات أشار إلى أن شركة المياه صرفت قرابة 3 ملايين جنيه لأحد المقاولين في عملية ممولة من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية وتبين بمراجعة المرحلة الأولى من العملية وجود عجز بالأطوال واختلاف في المواصفات وسوء المصنعيات، حيث اوصى التقرير بالجرد المفاجئ على المشروعات قيد التنفيذ.
واقعة فساد أخرى، كشفها عطل مفاجئ بمحطة رفع صرف صحي نزلة عبد اللاه بأسيوط، حيث تبين أن العطل يرجع لعيوب من المقاول المسؤول عن إحلال وتجديد المحطة وعدم صلاحية الطلمبة التي تم تركيبها وفقاً لما أكده مراقب المحطات، حيث تم تهريب الطلمبة واخراجها من المحطة بدون اذن رسمي بعد اكتشاف عدم تقديم شهادة اختبار للطلمبة وقيام المقاول بتغيير طرازها.
إهدار المال العام انتقل عدواه من المقاولين والشركة إلى الإدارات الداخلية بشركة مياه أسيوط، حيث تم اهدار نصف مليون جنيه من أموال الدولة بسبب عدم الربط بين إدارات الشركة، فقد قام قطاع المشروعات بتركيب وصلات منزلية للعملاء دون الرجوع للقطاع التجاري للتعاقد معهم وبلغ ما أمكن حصره 208 حالة، فيما لم يتم تحصيل مديونيات العملاء قيمة تلك الوصلات وعدم استخراج فواتير لبعضهم منذ تركيب الوصلات لهم.