محمود الجندي
من يوقف فوضى الإعلانات بالقاهرة الجديدة؟
على مدار شهر تقريباً لا حديث بين شركات ووكالات الإعلان العاملة في مدينة القاهرة الجديدة إلا عن بدعة محمد عرفات مدير عام التنمية بجهاز المدينة، والتي خاصمت في تفاصيلها القانون ولائحة إعلانات محافظة القاهرة المطبقة على المدن الجديدة.
شطط "عرفات" الفكري والمقرون بقلة وعي بدور وكالات الإعلان والتزاماتها القانونية، بل وقلة خبرة في إدارة ملف بهذة الأهمية تسبب حتى تاريخة في إهدار المال العام بوقف تجديد تراخيص الشركات العاملة في المدينة من نهاية مارس الماضي وحتى تاريخه، لحين الوصول لشكل أمثل لتطبيق "فانكوش الباقات الإعلانية".
ففي الوقت الحرج الذي تمر به هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة مالياً، وتبحث فيه عن كل جنيه هنا أو هناك، يأتي محمد عرفات ليرفض تجديد تراخيص شركات الإعلانات انتظارا لتطبيق قوانينه الخاصة، ولتذهب خزينة الدولة والتزاماتها إلى الجحيم فالأهم هو رضاء عرفات ومن خلفه.
لكن الغريب، أن لا أحد تدخل لوقف مهزلة الباقات الإعلانية، بل الجميع يطبطبون ويتحسسون أي خطوة أو قرار حتى وإن كان ما أقدمت عليه إدارة الإعلانات بجهاز القاهرة الجديدة مخالف للقانون وللوائح المعمول بها، وكأن كبار المسؤولين ابتلعوا ألسنتهم وقرروا غض الطرف عما يحدث في أهم مدن شرق القاهرة، فهل هناك لا سمح الله سبب أو مصلحة وراء هذا الصمت؟
ولمن لا يعرف بأمر الباقات الإعلانية، فهي فكرة تقتضي إعادة توزيع الإعلانات في مدينة القاهرة الجديدة على الشركات العاملة منذ سنوات وتلك الجديدة التي قدمت طلبا للحصول على امتياز إعلاني في منطقة معينة، ليتم توزيع الوحدات الإعلانية على اختلافها بعدد معين لكل شركة سواء من "الفوانيس أو الميجا أو اليوني بول وغيرها من أشكال ونماذج إعلانات الشوارع أو "الأوت دور".
الفكرة قد تكون في حد ذاتها عظيمة، لكنها تخالف لائحة الإعلانات وتضرب بها عرض الحائط وتورط كل من يوافق عليها وتضعه في مأزق قانوني لا يحسد عليه، فقد يمكن تطبيق ذلك على الشركات التي تتقدم لأول مرة للترخيص، لكن تطبيقة على شركات قائمة وتعمل ولديها تراخيص بالفعل فهذا أمر مخالف للقانون، كون تلك الشركات ارتبطت والتزمت بعقود مع معلنين على أماكن ومواقع إعلان معينة، فكيف سيتم تغيير موقع الإعلان بعد توقيع عقود ملزمة قد تكلف شركة الإعلان سمعتها وأموالها وتوصم بأنها من الشركات غير الملتزمة والتي لا تحترم تعاقداتها، وكيف تمتنع كجهاز للمدينة عن تجديد ترخيص لشركة ملتزمة ولم ترتكب أي مخالفة، في حين تترك شركات أخرى رخصت 30 إعلان ووضعت 100 على الطبيعة بدون أن تقترب أو تهمس في أذنها بكلمة "عيب"!
الأزمة بتفاصيلها وصلت هيئة المجتمعات العمرانية، ووصلت جهات رقابية، بل وستصل القضاء ما تركنا عرفات يطلق لخياله العنان في إعادة توزيع الكعكعة من أول وجديد، بل لا يخفى على أحد قيام إحدى شركات الإعلانات بتنفيذ وحدات انتظار في أماكن كانت اميتاز إعلاني لشركة أخرى وبناء عليه لم تسدد الشركة صاحبة الامتياز ما عليها من التزامات مالية للجهاز، بل واتهمت الجهاز بمخالفة القانون بتركه شركة أخرى تقوم بوضع محطات انتظار تحمل لافتات إعلانية رغم عدم قانونية ذلك.
قد يكون الموظف قليل الخبرة في إدارة ملف ما، لكن أن تقترن قلة الخبرة باتخاذ خطوات منها الإزالة العشوائية للإعلانات المرخصة فهذا ينم عن تعمد في الإضرار بهذة الشركات، وهي خطوات بالتأكيد تخدم شركات أخرى حتى وإن كان بدون قصد من جهاز المدينة.
الأمور للأسف تسوء بشكل كبير .. وحالة الغضب والاحتقان تتزايد دون تدخل لنزع فتيل الأزمة وإعادة الهدوء لواحدة من أهم المدن إعلانياً.. ورغم أن مكاتبات تمت بين الهيئة وجهاز القاهرة الجديدة أكدت عدم قانونية ما يحدث إلا أن هناك إصرار على السير في الطريق الخاطئ، والأمر حتى الآن لا يزال في يد رئيس الجهاز المهندس عادل النجار لإعادة تصحيح المسار.