محمود الجندي
لهذه الأسباب .. تفشل طروحات "الإسكان" في حل الأزمة
علامات استفهام لا تنتهي حول سلوك وزارة الإسكان في طرح الوحدات السكنية على اختلاف أنماطها ومسمياتها للمواطنين .. هل بالفعل ترغبون كوزارة في تيسير حق السكن للمواطن أم أنكم لا تعرفون حقاً دوركم ومسؤولياتكم تجاه المواطن حتى الآن؟
مع كل طرح جديد أترقب وأدعوا الله أن أجد تغييراً في فكر من يضع شروط مشروعات الإسكان في مصر، لكن للأسف أرى إصراراً على التلاعب بأحلام الناس وحقهم في الحصول على مسكن كريم خاصة متوسطي الدخل.
بل أعتقد أن مرض ما أو لعنة باتت تسيطر على عقول واضعي تلك الشروط وجعلتهم لا يفرقون بين محدودي ومتوسطي الدخل وبين الأثرياء، لدرجة أن كل طروحات الوزارة أصبحت لا تناسب سوى مع السماسرة والمضاربين في العقارات وقلة قليلة من المحتاجين للسكن هي من تحصل علي الوحدات.. بل أن موظفي وزارة الإسكان أنفسهم عجزوا عن الحصول على وحدة سكنية على مستوى كافة المشروعات.
شروط صعبة ومعقدة توضع في كل الاعلانات الخاصة بالوحدات السكنية، وكلها لا تتناسب مع ظروف الناس الحقيقية، ما يشعرك بأن من يضع تلك الشروط قادم من المريخ ولا يعلم بأحوال الناس ولا عن أوضاعهم المالية شيئاً .
تابعت كما تابع كثيرون الطرح الأخير من مشروعات " سكن مصر ودار مصر وجنة للإسكان الفاخر "، وضحكت كما ضحك الملايين على شروط الطرح والتي تخص الوحدات وأبرزها " سكن مصر " والذي هو بالأساس مشروع وسيط بين الإسكان الاجتماعي لمحدودي الدخل ومشروع دار مصر لمتوسطي الدخل، وطرح خصيصاً لتلبية احتياج الطبقة التي لا تملك الشراء بأسعار دار مصر ولا تنطبق عليها شروط الإسكان الاجتماعي..
حيث تسبب غباء التسعير في طرح وحدات سكن مصر بأسعار تقارب سعر متر الفيلات في ذات مدن الطرح، بل وبأسعار أعلى من أسعار السوق في تلك المدن فعلى سبيل المثال طرح المتر في مشروع سكن مصر بمدينة الشروق في طرحه الأول بـ6150 جنيها للمتر في حين يبلغ سعر المتر في السوق في نفس المدينة في أحياء العمارات بـ 4900 جنيهاً للمتر بل وبعض أحياء الفيلات تباع بسعر مقارب لسعر سكن مصر وأقل من أسعار دار مصر ؟! فهل من وضع هذا السعر يعيش معنا حقاً؟ أم إنه من دولة أخرى ؟ وهنا لا تحدثني عن التشطيب وجودته فكلنا نراه .
أضف إلى المأساة أسعار دار مصر في بعض المدن والتي تجاوزت أسعار السوق بمراحل وكأن الناس تؤذن في مالطا ولا أحد يسمع أو يريد أن يقتنع بأن غباء التسعير لن يفيد .. بل ويمنع الراغبين في السكن من التقدم لحجز وحدة بهذة الأسعار والشروط التعجيزية وأن كل هذة المعطيات تؤدي في النهاية إلى فشل خطة وزارة الإسكان في سد احتياج المواطن للسكن.. هذا اذا اعتبرنا أنها تهدف لذلك أصلا وهو ما يتضح عكسه من طريقة التسعير بل والتشدد في شروط الحجز وخلافه.
قبل عامين أو أكثر جاء طرح مشروعه "سكن مصر" كحل مناسب لمن لا تنطبق عليهم شروط الإسكان الاجتماعي .. وسبحان الله تحول المشروع إلى شريحة المواطن "المرتاح" وظل المواطن الذي لا تنطبق عليه شروط الإسكان الاجتماعي يضرب كفاً على كف ويتعجب لشروط تضع حد أقصى للدخل للأعزب 40 ألف جنيه وللأسرة 50 ألف جنيه !! وهو ما يذهب بالوحدات للسماسرة والمضاربين.
والآن يجري الحديث عن استحداث شريحة جديدة تحمل إسم "سكن لكل المصريين" وتقع بين شريحة الإسكان المستحدثة منذ عامين وهي "سكن مصر" ومشروع الإسكان الاجتماعي أي أننا بصدد وضع حل جديد لانهاء أزمة الحل القديم دون أن نعترف بفشلنا الذريع في وضع شروط تناسب المواطن الحقيقي وليس المواطن الافتراضي الذي هو في خيال مسؤولي التسعير في وزارة الإسكان وهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة .
الأمر نفسه يتكرر في الأراضي الاستثمارية والمخازن وغيرها حيث يتم تسعيرها بأرقام غير منطقية والنتيجة هي عزوف الناس عن التقدم لها.
وأزيدك من الشعر بيتاً أن قرار المد الخاص بحجز وحدات "سكن مصر ودار مصر وجنة" إن دل فهو يدل على أنها لا تلقى قبولاً بسبب ارتفاع أسعارها الجنونية ما يفتح الباب لاستحواذ المضاربين على الوحدات بدلاً من إتاحة الوحدات بشروط بسيطة لمن لم يسبق له الحصول على وحدة من الوزارة ..
لهذه الأسباب تفشل طروحات وزارة الإسكان في حل أزمة الطلب على العقارات، وإنهاء أزمة الاحتياج للسكن..
ونصيحتي الخالصة للدكتور عاصم الجزار وزير الإسكان إذا ما كان يريد إصلاح ما أفسده ويفسده الأخرون، أن يقتصر طرح الوحدات أياً كان نوعها " إجتماعي – سكن مصر – سكن كل المصريين – دار مصر – جنة " على شرط واحد ووحيد هو عدم سبق حصول المتقدم على وحدة أو قطعة أرض من وزارة الإسكان.. بهذا الشرط نغلق الباب على المضاربين والسماسرة ونلبي الاحتياج الحقيقي للسكن لدى المواطن.
ألا هل بلّغت... اللهمّ فاشهد