إدارة التنمية تزور مستندات رسمية لسحب مول مكتمل الانشاءات والتشطيبات بالتجمع الخامس
بالمستندات.. نكشف تفاصيل منظومة الفساد في جهاز القاهرة الجديدة (الحلقة الأولى)
مسؤول بالأحياء يتلقى تعليمات التنكيل بالمستثمرين عبر "واتس آب".. وجهاز المدينة يتآمر على الضحية
المول حاصل على موافقات (الصحة والبيئة والدفاع المدني والضرائب) والجهاز يدلس على جهات التحقيق وينكر المستندات الرسمية
السطور التالية لا يمكن تصور حدوثها خارج إطار الأعمال الدرامية أو في مجال السينما، فمن غير المتصور أن تنسحب تلك الواقعة بحذافيرها على الواقع الذي نعيشه إلا لو كان أطراف المؤامرة هم أقرب ما يكونوا لشياطين في صورة مواطنين.. وهي بمثابة بلاغ عاجل للنائب العام ولوزير الإسكان الدكتور عاصم الجزار.
الواقعة تكشف بجلاء مستوى الفساد في جهاز مدينة القاهرة الجديدة، وكيف يمكن للجميع أن يتآمروا على مواطنة لسلب ما تملكه من قطعة أرض مخصصة لها وفق صحيح القانون، بل وملتزمة بتعليمات الجهاز، ولكنها فوجئت بجهاز المدينة يناقض نفس ويرتكتب وقائع تزوير في أوراق رسمية مجاملة لأحد الأشخاص ذوي النفوذ، بل نجحوا في تطميعه في الحصول على أكثر مما يحلم به، وفتحوا له الباب على مصراعيه ليطلق لخياله العنان في الحصول على الحصة الأكبر من مال الغير دون وجه حق.
التزوير لم يكن خطأ داخلي ارتكبه موظف في جهاز مدينة بدون قصد، لكنه تزوير ارتبط بتدليس على جهة قضائية تحقق في تلك الواقعة، حيث تم استخدام تلك المستندات المزورة أمام جهات التحقيق ما يؤكد الإصرار على سلب مواطنة أموالها لأنها رفضت التنازل عن حقها.
تعود التفاصيل إلى عام 2005 عندما تعاقدت "س – ح " على شراء قطعة أرض بنشاط مول تجاري وبمساحة 762 متراً في المنطقة السادسة بالحي الثاني في التجمع الخامس بمدينة القاهرة الجديدة، حيث شرعت في استصدار تراخيص البناء من جهاز المدينة وتضمن المول وهو بنشاط (مطعم) موافقة هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة على نشاط أخر وهو (صيدلية) حيث صدرت تراخيص للصيدلية من إدارة الشؤون الطبية بوزارة الصحة في فبراير 2015 وتم إخطار جهاز المدينة رسمياً بتلك الموافقة من قبل وزارة الصحة، حيث تم تشغيل الصيدلية فعلياً في الشهر نفسه بعلم وموافقة الجهاز رسمياً، وهي تلك الموافقة التي أنكرها الجهاز متمثلاً في إدارة التنمية والتراخيص لاحقاً في خطابات وجهت لمحكمة الاستئناف العالي بالعباسية، بل وتم اصطناع محررات مزورة تفيد بعدم ترخيص الصيدلية بالمخالفة للأوراق الأصلية الموجودة في ملف قطعة الأرض بجهاز المدينة.
تلك (الصيدلية) التي كانت سبباً في أزمات لاحقة، كشفت الوجه القبيح لبعض العاملين في جهاز القاهرة الجديدة ممن باعوا ضمائرهم وخالفوا القانون لمجاملة أحد الأشخاص، بل وتستر رئيس الجهاز آنذاك المهندس عادل النجار على تلك الجرائم رغم علمه التام بها، ولم يكلف نفسه عناء إحالة المتورطين فيها للتحقيق.
ففي نوفبمر 2016 عرض أحد الأشخاص ويدعي (ع – ح) شراء الصيدلية من صاحبة المول، ولم يسدد وقت التعاقد سوى ربع قيمة الصيدلية، طالبا في الوقت ذاته تحرير توكيله له لبيع حصة الصيدلية في أرض المول لنفسه وهي 12% وهو ما وافقت عليه صاحبة المول بسلامة نية، واثقة في أن شخص كهذا يعمل في جهة مرموقة لن يقدم على خداعها أو النصب عليها، وهو ما حدث لاحقاً بالتواطؤ مع بعض موظفي جهاز القاهرة الجديدة.
ومع حصول هذا المواطن على توكيل وامتناعه عن سداد باقي ثمن الصيدلية لم تجد (س-ح) سوى اتخاذ الاجراءات القضائية ضده لوقف التعامل بهذا التوكيل وفسخ عقد البيع الموقع معه وذلك في غضون عام 2017، بل وإخطار جهاز المدينة بوقف التعامل بالتوكيل رسمياً وانذاره على يد محضر، إلا أن الجهاز لم يعيرها أي انتباه، حيث نجح هذا الشخص في الوصول إلى ضعاف النفوس في الجهة الإدارية التي من المفترض أن تكون على الحياد، حيث رسموا له الطريق وإنه يمكنه الاستيلاء على المول بالكامل بهذا التوكيل وليس مجرد صيدلية، رغم تحديد الحصة القابلة للتنازل فيه بوضوح.
بحلول فبراير 2018 انتهت صاحبة المول من أعمال التشطيبات واستخراج المستندات اللازمة للترخيص، حيث قامت لجنة من إدارة التنمية بجهاز مدينة القاهرة الجديدة والتي يرأسها المهندس محمد عرفات بمعاينة المول على الطبيعة ووضع تقرير يفيد بأن المول في مراحله النهائية قبل التشغيل ولا توجد به أي مخالفات حتى هذا التاريخ؟ وهو التقرير الذي تم إنكاره لاحقاً وتزوير تقرير أخر قدم للمحكمة يفيد بأن المول به مخالفات وغير مكتمل الانشاءات وهو المستند الذي تم تسليمه للمتعاقد على الصيدلية لاستخدامه ضد مالكة المول للتنصل من دفع باقي ثمن الصيدلية، وهو ما تزامن مع رسائل تهديد من هذا الشخص الذي كان ينسق كل خطوة وكل اجراء سيتخذ ضد صاحبة المول لحسابه لإجبارها على التسليم له.
في أغسطس 2018 تمت معاينة جديدة للمول من إدارتي التنمية والتراخيص وتم وضع تقرير رسمي يفيد بانتهاء تشطيب المول خارجياً وداخلياً وإنه جاهز للتشغيل ولا توجد أي مخالفات أو مستحقات على هذا المول؟!.
خلال تلك الفترة حصلت صاحبة المول على موافقة الحماية المدنية في سبتمبر 2018 وتم إخطار الجهاز رسمياً بتلك الموافقة في يناير 2019، كما صدرت موافقات الصرف الصناعي الخاصة باستخراج تراخيص التشغيل الخاصة بالمول وهو بنشاط (مطعم)، كما تم الحصول على موافقة البيئة على الترخيص، وفتح ملف ضريبي في أكتوبر 2018 وهي الاجراءات التي تمت رسمياً وبعلم الجهاز وموافقته وجرى أنكارها في مستندات مزورة لاحقاً.
ووفقاً للاجراءات المتبعة فبصدور تلك التراخيص أصبح من حق صاحبة المول تشغيله خاصة في ظل استيفاء كافة الموافقات اللازمة، إلا أن هذا الشخص بدأ يرتب مع من يعاونونه من داخل الجهاز في وقف تشغيل المول بل وسحب الأرض بالكامل بالمخالفة للقانون، حيث أرسل لها عدة رسائل عبر (واتس آب) يتوعدها بتحرير مخالفات من طرف جهاز المدينة، ومن خلال موظف يدعي (أ- ر) وهو ما كان يحدث بالفعل من إجراءات تشميع ورفع عدادات وتحرير مخالفات مجاملة لهذا الشخص، بل بلغ الأمر ذروته بصدور قرار الغاء تخصيص للقطعة بالكامل بحجة عدم بلوغ النسبة البنائية المقررة قانوناً وهي 86% على الرغم من أن الجهاز نفسه أقر بانتهاء المول بالكامل وجاهزيته للتشغيل وعدم وجود مخالفات في تواريخ سابقة على تاريخ هذا الانكار.
بل بلغ العند ومخالفة القانون مداه، بمذكرة قدمت من إدارتي التنمية والتراخيص إلى المحكمة بتاريخ 23 مارس 2019 تفيد بعدم وجود موافقة من إدارة الحماية المدينة على تشغيل المول، على الرغم من أن موافقة الحماية المدنية موجودة في ملف قطعة الأرض داخل الجهاز قبل المذكرة المزورة بشهرين كاملين، وبناء على تلك المغالطات التي جامل بها الجهاز هذا الشخص تم ترتيب 10 مخالفات أخرى تتحقق تلقائياً ترتيباً على عدم وجود موافقة للحماية المدنية، وجميعها تخالف الواقع وما هو موجود في ملف القطعة.
كما تورط أيضاً رئيس الجهاز وقتها المهندس عادل النجار في التوقيع على مذكرة حملت رقم صادر 5900 في 20 أغسطس 2019 لرئيس لجنة التظلمات بالهيئة، والتي ينكر فيها الجهاز وجود موافقة من إدارة البيئة، بالمخالفة للحقيقة، كما إدعى أن موافقة وزارة الصحة على تشغل الصيدلية صدرت في يونيو 2019 على الرغم من صدورها في فبراير 2015.
أيضاً دلست إدارة التنمية في جهاز القاهرة الجديدة بإدعائها أن نسبة الانجاز لم تبلغ 76% في 2019 على الرغم من أنها أقرت رسمياً بأن نسبة الانجاز 100% في عام 2018 .
في الحلقات القادمة نكشف:
المؤامرة الكاملة لسحب قطعة الأرض
حيثيات حكم المحكمة بإدانة الجهاز بالتعسف
تفاصيل رسائل التهديد والمحاضر المفبركة
ابتزاز مالكة المول باخضاعها لقانون التصالح
الاستيلاء على 4,25 مليون جنيه مقابل وقف استخدام التوكيل