رئيس لافارج مصر: صناعة الأسمنت تمر بحقبة صعبة وإصلاح عوامل التكلفة وحدها لن يحسن الوضع
إسكان مصر - محمود محمد:
في ظل تعدد الأقاويل والاقتراحات حول كيفية خروج صناعة الأسمنت من مأزقها عقدنا لقاء صحفي مع سولومون بومجارتنر افيلز الرئيس التنفيذي لشركة لافارﭺ للأسمنت، والذي تولي مهامه في مصر منذ مارس الماضي في ظل ظروف، وتحديات غير مسبوقة يمر بها العالم.
جاء هذا الحوار في محاولة لفهم وإجلاء بعض المفاهيم الملتبسة حول صناعة الأسمنت في مصر
ما هي رؤيتك كخبير وقيادي لأحد أهم الاستثمارات الأجنبية في صناعة الأسمنت في مصر ؟
نحن نمر بحقبة صعبة وعلى الرغم من أن أي مساعدة لتحسين تكاليف الإنتاج لدينا موضع ترحيب، إلا أنه من غير المحتمل أن تؤدي عوامل التكلفة وحدها إلى تحسين الوضع الحالي الذي نواجهه هنا في مصر.
أخذ تكلفة الغاز الطبيعي كمثال؛ لكي يكون حلاً قابلاً للتطبيق، يجب أن يكون سعر الغاز الطبيعي حوالي 1.7 دولار أمريكي مليون وحدة حرارية بريطانية (المصدر: مستندات الشركة، بلومبيرج ، فاروس للأبحاث) حتى يكون منافساً للوقود المتاح الأكثر إقتصادياً حالياً وهو فحم الكوك. علما أن جميع منتجي الأسمنت في مصر قاموا باستثمارات كبيرة (10-15 مليون دولار) في عام 2014 لتحويل خطوط إنتاجهم من الغاز الطبيعي إلى عمليات الفحم أو فحم الكوك.
علاوة على ذلك، فإن أسعار الغاز الطبيعي ليست وحدها المسئولة عن زيادة تكاليف إنتاج الأسمنت، فانخفاض قيمة الجنيه المصري، وإرتفاع تكاليف الوقود ومواد المدخلات الأخرى، كما كانت الضرائب المرتفعة من العوامل الرئيسية المساهمة في إضعاف الصناعة.
خلاصة القول، إن القضية الرئيسية التي يواجهها القطاع هي زيادة العرض والتجزئة الشديدة وتشير التقديرات إلى أن هناك ما يقرب من 38 مليون طن من الطاقة الإنتاجية الفائضة في عام 2020، مع مراعاة الطاقة المرخصة يتم إنتاج هذه الأحجام على ما يقدر بـ 47 خط إنتاج يتم تشغيلها بواسطة 22 منتجاً بأحجام مختلفة.
مثل هذا الخلل المادي في أحجام العرض والطلب يؤدي حتماً إلى عمل المنتجين بخسارة وبالتالي، فإن تدابير خفض التكلفة مرحب بها بالتأكيد، لكنها غير كافية بشكل واضح لمساعدة الصناعة على التعافي من هذه الأزمة.
هل هناك فرص وتسهيلات لوجيستية تمكن صناعة الأسمنت في مصر من التصدير للخارج ؟
نعم تردد كثيرا أن الحل في التصدير، وتداول الكثيرون هذه المقولة، إلا أنه علينا أن ندرك أن المنتجون في مصر يعانون من عدم القدرة على تصدير كميات جادة إلى الدول المجاورة بسبب قاعدة التكلفة المرتفعة التي لا تسمح لهم بأن يكونوا مورّدين منافسين. وينتج المنافسون المباشرون لمصر مثل تركيا، والمملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، الطن في المتوسط 10 إلى 12 دولاراُ أمريكياً / للطن أرخص ولديهم قدرة فائضة هائلة تبلغ 94 و 27 و 20 مليون طن على التوالي. علاوة على ذلك، صدرت مصر في أفضل أيامها “فقط” 2 مليون طن، وتحددت الكمية بشكل أساسي بسبب النشاط في الأستثمار في البنية التحتية لحين ذاك. فحتى لو افترض المرء أن مصر ستصل إلى تلك السنوات مرة أخرى، فإن هذا من شأنه أن يترك السوق المحلي بكمية فائضة تتجاوز حوالي 33 مليون طن (أو 40٪ طاقة زائدة) من المنتج سنوياً.
وبالتالي، لكي يكون التصدير بديلاً قابلاً للتطبيق، يجب تحديث البنى التحتية للموانئ الحالية وزيادة قدراتها على المناولة والتحميل بشكل كبير، وفي الوقت نفسه، يجب مراجعة مسببات زيادة التكلفة، كما ذكرنا سابقاً، لتكون إلى الأقل بشكل جذري. من الممكن خلق بيئة تتيح للاعبين المختلفين الفرصة لمواصلة الإنتاج على المدى القصير (من خلال تنفيذ مبادرة رئيس الوزراء بتاريخ 28/05/2020) وإمكانية العمل بطريقة فعالة وتنافسية على المدى الطويل في ظل ظروف السوق التنافسية العادية (من خلال إدخال مقياس أقصى إنتاج قائم على إنبعاثات ثاني أكسيد الكربون مشابه لذلك الذي تم تقديمه في عدد من البلدان الأخرى). سيكون هذا مفيداً لمصر واقتصادها. لذلك تدعو لافارچ مصر الحكومة على النظر في خطوة من خطوتين، واحدة تقدم على الفور إصلاحاً قصير الأجل، والثانية تعالج المشكلات الهيكلية في السوق على أساس طويل الأجل.
كيف يمكن لشركات الأسمنت دعم التنمية المستدامة؟
تؤمن لافارچ هولسيم ببناء عالم يعمل من أجل الناس والكوكب ككل. عالم يحافظ على سلامة الناس واتصالهم وازدهارهم. نعمل مع عملائنا وشركائنا على النهوض والارتقاء بالمجتمع. لكننا اليوم نريد أن نلعب دوراً أكبر. هذا هو السبب في أننا نعيد اختراع كيف يبني العالم في طريقنا حتى نصبح شركة صافي صفر. على سبيل المثال الاقتصاد الدائري، يفيد الأعمال التجارية والمجتمع والبيئة بينما يقضي على النفايات ويقلل التطور في استهلاك الموارد المحدودة بنفس الوقت. يستهلك قطاع البناء والتشييد ما يقرب من 40 مليار طن من المواد الخام التي يتم استخراجها من الكوكب كل عام. على خلفية النمو السكاني المتزايد والتحضر، تتوقع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن يتضاعف هذا الحجم بحلول عام 2060، مما يمثل تحدياً كبيراً للمجتمع.
في لافارچ هولسيم، تبدأ رؤيتنا في تمكين اقتصاد دائري مبني بالحفاظ على الموارد الطبيعية عن طريق استبدال الوقود الأحفوري والمواد الخام بالنفايات أو المنتجات الثانوية. وأتاحت لنا إعادة التفكير في عمليات الإنتاج الفرصة للمساهمة في حل مشكلة النفايات في المجتمع من خلال إعادة إستخدام النفايات وإعادة تدويرها. فلافارچه ولسيم هي ثاني أكبر شركة في إعادة إستخدام النفايات على مستوى العالم. نحن نمتلك في مصر أكبر منصة لمعالجة النفايات في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا تديرها شركة ﭼيوسايكل لإدارة المخلفات لدينا. في أكتوبر الماضي فقط، نجحت ﭼيوسايكل بالتعاون مع وزارة البيئة في حرق النفايات الخطرة المتروكة في الموانئ المصرية، مع مراعاة معايير الصحة والسلامة والبيئة العالمية.
أنا فخور بالقول إننا في لافارچ مصر، نتبع نهجاً شاملاً في رحلتنا إلى صافي الصفر؛ من تشكيل مصانع الغد بالتحكم الآلي والذكاء الاصطناعي لتسريع الحلول الخضراء مثل الخرسانة الخضراء ECOPact.
هل الأسمنت صناعة للرجال فقط؟
لا؛ نحن نقدر القوة العاملة المتنوعة لدينا ونسعى جاهدين لخلق ثقافة شاملة حيث يمكن للجميع أن يكون لهم دورا فعالا في العمل دون تمييز أو تفرقة. فنحن نقدر للمواهب، والمؤهلات واليوم هي المحددات الرئيسية لمن يتولى الأدوار القيادية ويلعب لدينا المزيد من النساء دوراً قيادياً في الصناعات التي يهيمن عليها الذكور لدي بعض المصنعين الأخرين. فلدى لافارچ هولسيم العديد من النساء في مناصب قيادية عليا على مستوى العالم، ونعمل من أجل تحسين التوازن بين الجنسين على مستوى المجموعة.
فالنساء تجلب أفكاراً متنوعة وتفكيراً جديداً إلى صناعة يهيمن عليها الذكور تقليدياً. وتفخر لافارچ مصر بذكر إثنتين من قائداتها وهما جزءاً من القلة المميزة، و تم اختيارهن ضمن قائمة أفضل 30 سيدة في صناعة الأسمنت في إفريقيا لعام 2020، من قبل منصة (إفريقيا- سيم) Africa-Cem، وهي منصة معلومات تجارية وشبكات لصناعة الأسمنت في القارة.
كما تم تكريمهم من المجلس القومي للمرأة، وأعرب المجلس عن بالغ سعادته باختيار سيدات مصريات ضمن قائمة أفضل 30 سيدة في صناعة الأسمنت في إفريقيا لعام 2020، وأسعدنا ذكر المجلس أن هذا الاختيار يعد أمرًا مشرفًا أن يكون للمرأة المصرية دوراً مؤثراً ومن ضمن المشاركين الفاعلين في هذا النوع من الصناعات المهمة.