تحديات واستراتيجيات توصيل التأمين الصحي للفقراء
إسكان مصر - إيمان حسن:
مقدمة:
التأمين الصحي (متناهي الصغر) لديه العديد من الخصائص التي تميزه عن أنواع التأمين الأخرى مثل التأمين على الحياة والتأمين على الممتلكات.
هذا ويتطلب الحديث عن التأمين الصحي متناهي الصغر الاتفاق على التعريف، حيث يُعرّف التأمين الصحي بأنه آلية تحويل المخاطر التي تتحملها شركة التأمين نيابة عن المؤمن عليه مقابل قسط يتم دفعه مقدماَ وفي المقابل تقوم شركة التأمين بدفع تعويض في حالة وقوع حدثتم التأمين عليه.
يعتبر القسط المدفوع في منتجات التامين الصحي متناهي الصغر مناسب للعملاء ذو الدخل ويعتبر تصميم الوثيقة خطوة مهمة لأن التعرض للمخاطر يختلف بطبيعة المهن، على سبيل المثال وليس الحصر الخطر بين عمال المناجم والمزارعين والصيادين والباعة في السوق ليس متشابه، فغالبًا يمشي الذين يعملون في الحقول حفاة القدمين ويتعرضوا للدغات الثعابين أو داء البريمات[1] أكبر بكثير من تعرض عمال المناجم لذلك، بينما يعاني عمال المناجم من أمراض الجهاز التنفسي أكثر من الصيادين، وهكذا.
كما تحدث الاختلافات أيضاً على أساس الجنس والعمر والمنطقة وغيرها من الخصائص، وبالتالي فإن الأولوية الممنوحة لمختلف المنافع ستختلف بين هذه المجموعات.
لتقديم منتجات التأمين الصحي متناهية الصغر المستدامة، نحتاج إلى الأخذ في الاعتبار الجوانب الأربعة التالية:
1. صناعة المنتجات.
2. مبيعات المنتجات
3. خدمة المنتجات
4. الحفاظ على الاستقرار على المدى الطويل.
أولا: صناعة المنتجات:
تأخذ عملية صناعة المنتج الاهتمام الكامل، حيث تتضمن هذه العملية القرارات بشأن تصميم وتسعير مجموعة المزايا، ومع ذلك فإن عوامل القياس المختارة تؤثر على عمليات البيع والخدمة والحفاظ على أستقرار الاسواق.
تتطلب صناعة المنتج تحديد عدة عناصر ، تتمثل في: العملاء المستهدفين وحجم الطلب على التأمين وتحديد مجموعة المزايا والتسعير واختيار مقدمي الرعاية الصحية بالإضافة إلى ضوابط المخاطر المعنوية والانتقاء السلبي.
1. الخطر المعنوي والانتقاء السلبي (ضد مصلحة المؤمن) والاحتيال
يعتبر الخطر المعنوي والانتقاء السلبي والاحتيال بشكل عام من المشاكل الرئيسية في التأمين الصحي بوجه عام والتأمين الصحي متناهي الصغر بوجه خاص على الرغم من أن هناك عوامل اخرى مثل انتقاء المخاطر والتي تساهم بقوة في فشل السوق، لذلك من الضروري تحديد هذه المشاكل ومعرفة سبب كونها تشكل تحديًا خاصًا في التأمين الصحي متناهي الصغر.
§ الخطر المعنوي: يحدث الخطر المعنوي عندما يستخدم الأشخاص الذين لديهم تأمين خدمات أكثر مما لو لم يكن لديهم تغطية تأمينية، على سبيل المثال قد يكون لدى العميل مشكلة صحية لم تكن تعتبر في السابق مشكلة حرجة بما يكفي للعلاج ولكن بعد الحصول على التغطية التأمينية قد يقرر العميل حل المشكلة تحت التغطية التأمينية.
§ الانتقاء السلبي: يحدث الانتقاء السلبي عندما يكون ملف المخاطر للمجموعة المؤمنة أسوأ مما هو متوقع، ويرجع ذلك الي سببين رئيسين:
- المجموعة المؤمن عليها ليست بالفعل موجودة مسبقًا ولكن اجتمع المرضى معًا للحصول على مزايا التأمين.
- تنضم المجموعات الموجودة مسبقًا التي تحتوي على عدد متوقع أكبر من المرضى إلى برنامج تأمين في حين لا تنضم المجموعات الأكثر صحة وتظهر هذه المشكلة بشكل أكبر إذا كان حجم المجموعة صغير.
في كلتا الحالتين ستكون تكلفة التأمين على هؤلاء الأشخاص أعلى من المتوقع وغالبًا ستكون التعويضات أعلى من إجمالي الأقساط المحصلة، مما يؤدي إلى خسارة كبيرة في البرنامج.
الاحتيال: التأمين الصحي عرضة بشكل خاص للاحتيال في جميع أنحاء العالم بغض النظر عن مستوى دخل العملاء. في الأسواق المتطورة مثل الولايات المتحدة، تخصص شركات التأمين الصحي موارد كبيرة لاكتشاف الاحتيال والسيطرة عليه.
تتعرض شركات التأمين لخطر الاحتيال من خلال:
- العميل: على سبيل المثال الحصول على العلاج للأشخاص الذين لا تشملهمتغطية التأمين من خلال انتحال شخصية الغير.
- مقدم الخدمة الصحية: على سبيل المثال قد يقوم بتقديم مطالبات كاذبة أو تضخيم مطالبات حقيقية من خلال المطالبة بأدوية أغلى من تلك التي تم إصدارها بالفعل.
- مديرين البرنامج وموظفين شركة التأمين: على سبيل المثال قد يقوموا بإجراء مطالبات مزيفة أو بإجراء مطالبات حقيقية مرتين أو مزيج مما سبق.
نظرًا الى ان النظام يمكن أن ينهار بسهولة بسبب الاحتيال فمن الضروري وضع آليات لمنع الاحتيال قبل إطلاق النظام. على سبيل المثال في أواخر التسعينيات انهارت إحدى أكبر شركات تأمين الممتلكات والمسئوليات في أوغندا وذلك خلال بضعة أشهر من إدخال التأمين الصحي بسبب المستوى الهائل من الاحتيال الذي تعرضت له.
2. تحديد المجموعة المستهدفة
لتحديد المجموعة المستهدفة الأساسية ليست من الضرورة استبعاد الآخرين، قد يكون من مصلحة شركة التأمين والمؤمن عليهم أن تشمل باقي أفراد الأسرة، حيث إن عبء المرض تتحمله الأسرة بأكملها وليس الفرد فقط، وقد تم إدراك هذا الامر في العديد من شركات التأمين التي تعمل في مجال التأمين متناهي الصغر.
على سبيل المثال المجموعة المستهدفة في الهند من برامج National Insurance VimoSEWA Cooperative Ltd[2] هي النساء العاملات لحسابهن الخاص ويمكن لأعضاء هذه المجموعة فقط الحصول على وثيقة تأمين، ومع ذلك يمكن للمرأة التي تعمل لحسابها الخاص أن تقرر تغطية زوجها وأطفالها، وبالمثل في برامج Yeshasvini Trust[3]يجب أن يكون العملاء أعضاء في جمعية تعاونية ولكن يمكنهم أيضًا تغطية أسرهم بالكامل. أيضاً في برامج Uplift Health[4] يُتوقع من الأعضاء تسجيل أسرتهم بالكامل ويؤدي عدم القيام بذلك إلى مضاعفة الأقساط الفردية.
3.دراسة الطلب
بمجرد تحديد المجموعة المستهدفة، يجب فهم احتياجاتها بعناية ، لهذا الغرض عملت Karuna Trust[5] في الهند مع معهد أبحاث لإجراء دراسة استقصائية أوليةللسكان المستهدفين.
وفي دراسة استقصائية أخرى للأسر المعيشية تم فحص السلوك الصحي وحجم الإنفاق على الصحة ومدي معرفتهم للتأمين والاستعداد للدفع مقابل التأمين وتم أخذ النتائج في الاعتبار عند تصميم مجموعة المزايا.
استجابةً لارتفاع التكاليف غير المباشرة المبلغ عنها للمرض، قررت Karuna أيضًا تعويض خسارة الأجور التي فقدها العملاء المؤمن عليهم عند دخولهم إلى المستشفى.
4. تحديد مجموعة المزايا
يشكل تحديد مزايا المنتج والقسط المطلوب للحصول على هذه المزايا محور تصميم المنتج، حيث يحدد كلا الجانبين فرص السوق للمنتج والتوازن بين احتياجات ورغبات المجموعة المستهدفة. في أي نظام للتأمين -والتأمين متناهي الصغر فإن تجميع المخاطر في مجمعة يعد أمر أساسي، ومع ذلك لا يمكن تجميع كل المخاطر إلا بعد استيفاء الشروط التالية حتى يصبح الخطر قابلاً للتأمين وقابل للتحويل إلى حلول تأمينية[1]:
- عدم النمطية: يجب أن يكون حدوث الخسارة أو الضرر غير متوقع، وإلا فإن الادخار المنظم هو بديل أفضل لأن تجميع المخاطر لن يؤدي إلى انخفاض أقساط التأمين.
- احتمالية منخفضة للحدوث: إذا كان من المحتمل أن يتعرض غالبية الأعضاء إلى خسارة أو ضرر فستكون الأقساط مساويه لتكلفة التأمين الفردي.
- استقلال المخاطر: يجب أن تكون المخاطر المؤمنة بشكل جماعي للأفراد مستقلة فيما يتعلق بحدوثها حتى لا يتهدد استقرار التأمين على المدى الطويل.
- عدم القدرة على التحكم في الخسارة أو الضرر: يجب ألا يكون حامل الوثيقة لديه القدرة للتسبب في حدوث الخسارة أو الضرر.
- وضوح الضرر: يجب أن تكون شركة التأمين قادرة على التحقق من حدوث الخسارة ونطاقها.
- وجود منفعة سيتم فقدها وبالتالي هي قابلة للتأمين: لكي يكون الفرد مهتمًا بالحل التأميني، يجب أن يكون للخسارة عواقب مالية سلبية كما يجب أن تكون الخسائر المحتملة عالية في مقابل تكلفة أقساط التأمين.
باختصار يجب أن يكون للمخاطر القابلة للتأمين احتمالية منخفضة لحدوثها ولكن لها عواقب سلبية قوية في حالة حدوثها، حتى يمكن لمجمعة التأمين أن تؤدي دورها.
وبصفة عامة ففي مجمعة التأمين تقوم مجموعة حاملي وثائق التأمين بكاملها بتحمل جزءاً من المخاطر الفردية، لذا فإن الأقساط الفردية يمكن أن تكون منخفضة نسبياً مقارنة بحجم الخسارة المحتملة. وكلما تعاظمت فرصة وقوع حدث ما، كلما اقتربت الأقساط من مبلغ الخسارة المحتملة، حتى يصبح الحدث في نهاية المطاف غير قابل للتأمين بسعر يجده العملاء مقبولا.
هذا يسلط الضوء على واحد من الاختلافات الرئيسية بين تفضيلات شركات التأمين وحملة الوثائق، حيث تفضل شركات التأمين تغطية الأحداث النادرة عالية التكلفة ولا تفضل العديد من المطالبات الصغيرة التي تزيد من تكاليف الإدارة، في المقابل يتجنب المؤمن عليه الخسارة ويفضل المنتجات التي تقلل من الخسائر والتي لا تنتج بالضرورة عن أحداث ذات احتمالية منخفضة وعالية التكلفة بل من تراكم أحداث منخفضة التكلفة وعالية الاحتمال.
وأخيرا، يتعين تحديد الوقت (المدة) الذي تقدم من أجله مجموعة المزايا إلى الأفراد أو الأسر أو المجموعات. وتستخدم الغالبية العظمى من شركات التأمين متناهي الصغر مدة سنة واحدة وتقوم بتجديد العقد مع العميل سنويا. فالفترة الأقصر عادة لا يكون لها معنى لأنها تجعل تحقيق التوازن بين المخاطر أكثر صعوبة وقد ينضم الناس فقط في الوقت الذي يمرضون فيه أو لفترة من السنة تكون عرضة للإصابة بشكل خاص، على سبيل المثال فصل الشتاء حيث تكون الأمراض أكثر انتشاراً بكثير.
5.تحديد الموردين
إلى جانب تحديد المزايا، يجب تحديد طرق تقديم الخدمة والإجراءات الفنية، بينما يحدد طرق تقديم الخدمة العلاقة مع مقدمي الرعاية الصحية وتحدد الإجراءات الفنية كيفية تقديم المطالبات ومن قد يشارك في هذه العملية.
هناك ثلاثة بدائل رئيسية لتحديد العلاقة مع مقدمي الرعاية الصحية:
تختار شركات التأمين موردين رعاية صحية مخصصين عن طريق إبرام اتفاقية رسمية معهم لتقديم الخدمة للعملاء.
عادة تدفع شركة التأمين لمقدمي الخدمة مباشرة مقابل الخدمات المقدمة للعميل ويعتمد هذا الحل على مبدأ المزايا العينية حيث يتلقى حامل الوثيقة الخدمة مقابل المال لشراء الخدمة.
هناك طريقة أخرى لتقديم المنافع هي الجمع بين مقدمي الرعاية الصحية وشركات التأمين.
في هذه الحالة، تستأجر شركة التأمين طاقم الرعاية الصحية الخاص بها إما لعلاج المرضى أو كمقدمي خدمة متنقلة (أو يمكن لمقدم الرعاية الصحية إطلاق برنامج تأمين بالتعاون مع شركة التأمين).
إذا كان لدى شركة التأمين عدد قليل من المتخصصين الدائمين في مجال الرعاية الصحية في منطقة معينة، فلن يستفيد مقدم الخدمة من الاقتصاديات الناتجة عن التوسع في الإنتاج، وهذا يعني أن بعض الخدمات لن يتم تقديمها على الإطلاق أو لا يمكن تقديمها بطريقة فعالة من حيث التكلفة.
ومع ذلك، في المناطق ذات البنية التحتية الفقيرة للرعاية الصحية قد تكون هذه هي الطريقة الوحيدة لتقديم التأمين الصحي متناهي الصغر، كما سيتم توضيحه بمثال برنامج BRAC[1]ثلاثي المستويات لتقديم الخدمات الصحية لدولة بنجلاديش.
برنامج BRAC ثلاثي المستويات لتقديم الخدمات الصحية
يستهدف البرنامج الصحي BRAC في بنجلاديش المجتمع بشكل أساسي مع التركيز بشكل خاص على النساء والأطفال ولا يستبعد الرجال، ويتم تنفيذه من خلال ثلاثة مستويات:
المستوى الأول: عبارة عن مجموعة من العاملين بدوام جزئي في مجال الصحة المجتمعية يُطلق عليهم Shashtho Shebikas (SS) ومعظمهم من النساء العاملات في الخطوط الأمامية لبرنامج الصحة التابع لـ BRAC حيث يقوموا بتعليم أفراد المجتمع حول الأمور الصحية الحرجة وتقديم العلاج للأمراض الأساسية وتقديم السلع الصحية الأساسية للمساعدة في إنشاء مجتمعات "تتمتع بالصحة".
المستوي الثاني: عبارة عن مجموعة من المساعدين الطبيين جميعهم من النساء ويُطلق عليهم Shashtho Kormis (SK) حيث يشرف هؤلاء المسعفون على عمل SS (العاملين في المستوى الأول) ويقدموا الرعاية المتعلقة بالحمل ويعقدون ندوات لزيادة الوعي الصحي ومعالجة الاهتمامات الصحية للمجتمع.
المستوى الثالث :عبارة عن شبكة من العيادات الصحية ، تسمى BRAC Shushasthos، والتي توفر دعمًا تقنيًا لـ SS و SK (العاملين في المستوى الأول والثاني) حيث يقوموا بتحويل المرضى الذين لا يمكنهم علاجهم إلى هذه المراكز، كما تقدم Shushasthos خدمات العلاج والتشخيص ولديها مختبرات شاملة وتسهيلات للمرضى الخارجيين وخدمات للمرضى الداخليين وكلها مدعومة من قبل ممرضات وأطباء مؤهلين.
الخيار الثالث هو تعويض العملاء عن نفقات الرعاية الصحية الخاصة بهم، حيث يمكن للعملاء استشارة طبيب أو مستشفى موثوق بهم ودفع مقابل الخدمة التي حصلوا عليها ثم تقديم الفاتورة إلى شركة التأمين لدفع التعويض.
يعتبر هذا الحل للعميل أفضل اختيار ممكن ومع ذلك فإنه يمثل أيضًا عبئًا ماليًا على العملاء لانتظارهم فترة السداد، لذلك فقد أطلقت VimoSEWA مشروعًا تجريبيًا لمعالجة هذه المشكلة حيث يمكن للعملاء الاتصال بالعامل الميداني عند الاقتراب من المستشفى وتلقي ما يصل إلى80% من التكاليف المقدرة مقدمًا.
ولكن يعزز هذا الاختيار خطر الاحتيال حيث من الممكن قيام بعض العملاء بتزوير أو تعديل الإيصالات للحصول على أموال إضافية، ويعتبر من الصعب على شركة التأمين الرجوع إلى مقدم الخدمة الصحية للتحقق من التعويض حيث أن هناك عدد كبير من مقدمي الخدمات ليس لديهم علاقة تعاقدية مع شركة التأمين، كما أن رفض التعويض من قبل شركة التأمين سيؤدي إلى الإضرار بالعلاقة مع العميل إذا كان الرفض للعميل بدلاً من مقدم الخدمة.
6. التسعير
لتصميم منتج يستجيب لتفضيلات العميل يجب الحصول على معلومات حول استعدادهم للدفع وطرق الدفع المفضلة لهم (حتى تكون متضمنة في دراسة الطلب الخاصة بهم).
أيضاً لحساب قسط التأمين الأمثل باستخدام الأساليب الاكتوارية يجب على شركة التأمين أولاً تحديد الوحدة القابلة للتأمين، على سبيل المثال يعرّف UMSGF[1] العائلات على أنها الوحدة القابلة للتأمين مما يقلل من مخاطر الانتقاء السلبي عن طريق نشر المخاطر داخل الوحدة.
يمكن تقدير التكاليف الإجمالية لمزايا التأمين عن طريق تقديرات تكاليف وكفاءة الرعاية الصحية المتوقعة من خلال إضافة التكاليف الإدارية المتوقعة واحتياطيات الطوارئ - وفي حالة وجود شركة تأمين قد حققت أرباح (هامش ربح) - يمكن لشركة التأمين حساب الحاجة التمويلية المتوقعة.
يؤثر تكرار تحصيل الأقساط أيضًا على المبلغ الإجمالي للأقساط التي من المفترض دفعها، حيث إذا تم دفع الأقساط السنوية مقدمًا فيمكن استثمارها في الأسواق المالية لتوليد فائض الأموال (ما لم يتم استخدامها لتسويات المطالبات) وبالتالي يمكن تخفيف آثار التضخم.
في حين أن الأقساط السنوية تخفض تكاليف المعاملات وتزيد من دخل الاستثمار، ولكن تختلف مصالح شركة التأمين والمؤمن عليه، حيث يفضل الفقراء غالبًا دفع 0.10 دولار أمريكي في الأسبوع بدلاً من قسط سنوي قدره 5.20 دولار أمريكي.يمثل الحجم الصغير نسبيًا لأقساط التأمين وتفضيل العملاء لمدفوعات صغيرة متكررة تحديًا لشركات التأمين.
ثانياً:مبيعات المنتجات:
يمكن تقسيم عملية البيع إلى فئتين:
1) توفير المعلومات
2) الاكتتاب
1.توفير المعلومات
تبدأ كل عملية بيع بتوفير المعلومات، كما أن الميزة الفريدة لمبيعات التأمين متناهي الصغر هي احتياجات المعلومات الشاملة للمجموعة المستهدفة والتي في الغالب ينقصها الخبرة في التأمين.
يجب أن يشرح وكيل المبيعات الطبيعة المحتملة لدفع الأقساط وطبيعة المطالبات بأثر رجعي وسبب عدم استرداد القسط (على الأقل بالكامل) في حالة عدم حدوث مرض، حيث تُظهر تجربة مقدمي خدمات التأمين الصحي متناهي الصغر أنه من الصعب شرح فكرة المدفوعات المسبقة للخدمات التي من الممكن عدم استخدامها مطلقًا.
من أجل المصداقية يجب أن يتم نقل المعلومات من قبل شخص لديه ثقة العملاء، حيث إن الثقة هي أساس أي سوق تأمين، لذلك يجب أن يكون العميل واثقًا من أن شركة التأمين ستفي بالتزاماتها بإحدى الطريقتين:
- الاعتماد على الاستعداد للوفاء بالالتزامات:
يجب أن يتوقع العميل أن تقوم شركة التأمين بتسوية مطالبته ، كما يجب على العملاء إما أن يفترضوا أنه من مصلحة شركة التأمين الوفاء بالجزء الخاص بها من العقد، أو أن يثقوا في قدرتهم على التأثير أو الضغط على المؤسسة.
- الاعتقاد في القدرة على الوفاء بالالتزامات (الثقة):
يجب أن يعتقد العميل أنه سيكون هناك أموال كافية في خزائن شركة التأمين لدفع المطالبات على المدى الطويل حيث إن حجم شركة التأمين والإدراك الذاتي من قبل العملاء للوثوق في المنظمة هما العاملان المحددان للثقة في العلاقات طويلة الأمد.
2. الاكتتاب
بعد تقديم المعلومات فإن الخطوة التالية هي إصدار الوثائق للعملاء الذين اختاروا التأمين. في عملية الاكتتاب يتم جمع البيانات والمعلومات الضرورية عن حامل الوثيقة المستقبلي.
اعتمادًا على تصميم منتج التأمين، قد لا يشمل ذلك البيانات الشخصية فقط بل يشمل أيضًا التحديات والاستراتيجيات لتوسيع نطاق التأمين الصحي، ليتضمن المعلومات عن الحالة الصحية، فعلى سبيل المثال الأمراض المزمنة والشروط المسبقة التي قد تكون مستبعدة من التغطية.
يجب تحديد الاستثناءات لكل وحدة قابلة للتأمين، على سبيل المثال العائلة، عن طريق المعلومات عن الحالات الصحية وحجم الأسرة حيث إن لها تأثير كبير على الاجراءات للحد من الانتقاء السلبي.
قد يكون الفحص الصحي الأول جزءًا لا يتجزأ من عملية الاكتتاب على الرغم من أن العديد من برامج التأمين متناهية الصغر تستخدم طرقًا أبسط مثل "إعلان الصحة الجيدة"، في هذا الإعلان يتعرف البرنامج على الحالة الصحية للشخص بناءً على المعلومات المقدمة من قبل المؤمن عليه نفسه.
ثالثاً: الخدمات التي يقدمها المنتج:
تشمل الخدمات التي يقدمها المنتج تسوية المطالبات والحفاظ على علاقات العملاء طويلة الاجل وإدارة العلاقات مع مقدمي الرعاية الصحية.
1. تسوية المطالبات
يجب التحقق من المستندات المطلوبة لتقديم مطالبة للتأكد من اكتمالها واستحقاقها لتجنب الخطر المعنوي والاحتيال وقد يتطلب ذلك معلومات من البيئة الاجتماعية لحامل الوثيقة بالإضافة إلى التحقق من قبل الطبيب.
تستخدم البرامج المختلفة طرق مختلفة، على سبيل المثال:
- المرضى المؤمن عليهم في BRAC وGrameen Kalyan عادة يستخدمون مقدمي الرعاية الصحية الموجودين في البرنامج، حيث تتم إحالة 1 % فقط من المرضى إلى مرافق رعاية صحية خارجية لأمراض وجراحة أكثر خطورة.
ويقدم المرضى المحولون إلى مرافق خارجية مستندات مطالباتهم إلى الفرع المحلي لبنك Grameen حيث يتخذ مدير الفرع والمساعد الصحي المحلي ومدير المركز التأمينيقرارًا بشكل مشترك بشأن سداد المطالبة.
- يتم استخدام آلية غير نقدية من قبل Yeshasvini Trust وكذلك من قبل المخططات الحكومية في بوليفيا (SBS / SUMI)، بيرو (SMI / SIS) وباراغواي (SI)، فيYeshasvini يذهب المرضى المؤمَّن عليهم إلى إحدى مستشفيات الشبكة (والتي تتكون من 150 مستشفى) ببطاقة الهوية وخطاب يثبت عضويتهم في جمعية تعاونية للحصول على استشارة مجانية.
كما إنه إذا كانت الجراحة التي يغطيها البرنامج مطلوبة، تقدم المستشفى طلب تفويض مسبق إلى ادارة برامج الرعاية الصحية (TPA) التابعة للبرنامج، وقد يستغرق إجراء الجراحة غير الطارئة أربعة أيام، وبمجرد منح الإذن يتم تغطية جميع التكاليف المتعلقة بالجراحة من قبل شركة التأمين بسعر محدد مسبقًا ويقوم النظام بتعويض مقدم الرعاية الصحية مباشرة.
2. إدارة العلاقة مع مقدمي الرعاية الصحية
إن وجود موظفين خاصين بشركة التأمين في منشأة رعاية صحية له قيمة للتحقق من حالة تأمين المريض، كما يقدم هؤلاء الموظفين التوجيه والعناية بالمرضى مما يضمن أن يتم علاجهم من قبل مقدمي الخدمة بطريقة ودية وتقديم رعاية جيدة.
تم تطبيق آلية مماثلة بواسطة Uplift Health حيث يمكن للمرضى الذين يحتاجون إلى العلاج الاتصال بالطبيب المختص في البرنامج ليرافقهم إلى المستشفى ويضمن العلاج المناسب لهم.
3.علاقات طويلة الأجل مع العملاء
يشمل الحفاظ على العلاقات طويلة الاجل مع العملاء التوفير المستمر للمعلومات والاستجابة في الوقت المناسب للمتطلبات المتغيرة للعملاء وحل المشكلات مع المنتج أو مشاكل الإجراءات.
ستؤدي التجربة الإيجابية مع منتج التأمين إلى بناء الثقة بين الأعضاء وقد تحفزهم على شراء مزايا إضافية مقابل قسط أعلى، كما تساعد كل من التحديات والاستراتيجيات الخاصة بتوسيع نطاق التأمين الصحي للفقراء، وأيضاً تدفق المعلومات يساعد النظام في الحفاظ على رضا العملاء وجذب عملاء جدد.
من العناصر المهمة في العلاقات مع العملاء هو تجديد العقود لسنوات متتالية على الرغم من أن تحصيل أقساط معظم العملاء لا تتم بسهولة عن طريق الخصم المباشر التلقائي من الحساب الجاري.
يمثل العملاء الذين لم يقدموا أي مطالبات في العام الماضي تحديًا حقيقيًا لأنهم بحاجة إلى الإقناع بأن استمرار سداد الأقساط لا تزال عملية منطقية.
وبالنظر إلى أن الحصول على عميل جديد قد يكون أكثر تكلفة بكثير من الاحتفاظ بعميل حالي، فإن معدلات الاحتفاظ المنخفضة للتأمين الصحي متناهي الصغر تعتبر مشكلة خطيرة، ومع ذلك فإن بعض البرامج تعمل بشكل جيد حيث إنه في UMSGF يجدد 80% من الأعضاء تغطيتهم.
هناك سبب آخر من أجل سرعة التجديد هو أن التجديدات المتأخرة قد تعتبر عقودًا جديدة، مما يعني أن بعض الشروط المفروضة على الأعضاء الجدد مثل فترات الانتظار أو الاستثناءات لبعض العلاجات سوف تحتاج إلى إعادة النظر، على سبيل المثال في منتج تأمين VimoSEWA لا تتم تغطية الحالات الموجودة مسبقًا لمدة ستة أشهر.
4. الحفاظ على الاستقرار على المدى الطويل
تتمثل المهمة الرئيسية لأي نظام تأمين في ضمان الاستقرار على المدى الطويل وتعتبر من العناصر الهامة لضمان استقرار شركة التأمين تسوية مطالبات عملائها.
كما يتضمن الحفاظ على الاستقرار طويل الأجل الإدارة المالية لشركات التأمين والمراقبة الدائمة للمخاطر وخاصة إدارة المخاطر الاكتوارية الشاملة.
يصبح وجود شركة التأمين مهددًا عندما تتجاوز الخسائر الإجمالية للشركة مجموع مدفوعات الأقساط واحتياطيات رأس المال (المخاطر الاكتوارية).
كما إن المخاطر الجزئية التي تحدث في مجموعات فرعية من مجمعة التأمين لا تهدد بالضرورة وجود شركة التأمين طالما يوجد الدعم المتبادل والاحتياطيات كافية، لذلك من المنطقي توزيع المخاطر على نطاق واسع عبر مجموعات فرعية مختلفة لتقليل خطر الخسائر المتغيرة، أي الخسائر التي تؤثر على بعضها البعض كما هو الحال في حالة الأوبئة.
تحتوي المخاطر الاكتوارية على مكونين رئيسين:
1. الأول هو "المخاطر المتغيرة" الناشئة عن معلومات غير كاملة عن الاحتمال الفعلي للخسارة.
2. الثاني هو "المخاطر المتصلة بالعمليات" الناشئة عن الطبيعة العشوائية لتكاليف المزايا والتي ستظل قائمة بسبب عشوائية الأحداث حتى لو كان الاحتمال الحقيقي لحدوثها معروفًا[2].
هناك طريقة لتحقيق الاستقرار وهي توليد الدخل من مصادر أخرى، فإذا تم استثمار أقساط حاملي الوثائق بشكل جيد فيمكن استخدام الاحتياطيات المتراكمة لخفض الأقساط أو لتغطية الخسائر غير المتوقعة، ومع ذلك في معظم البرامج بالكاد يغطي دخل الأقساط المطالبات بسبب قدرة العملاء المحدودة على الدفع، لذلك ليس من الممكن عمومًا استثمار أقساط التأمين متناهي الصغر لتوليد إيرادات إضافية على الرغم من وجود بعض الاستثناءات القليلة.
كما هو مبين في الجدول التالي، يبدو أن العديد من شركات التأمين التي تعمل في مجال التأمين الصحي متناهي الصغر قادرة على الاستمرار عند مقارنة المطالبات مع أقساط التأمين، ومع ذلك عندما تؤخذ جميع النفقات في الاعتبار من الواضح أن العديد لا يزالون بحاجة إلى الدعم.
يستخدم كل من BRAC وGrameen طاقم الرعاية الصحية الخاص بهما، ولا يتم تغطية تكاليف ذلك إلا جزئيًا من خلال الأقساط المحصلة وبالتالي، فإن لديهم تكاليف إدارية عالية مقارنة بالأقساط المحصلة.
من المثير للاهتمام ملاحظة أن معدل التجديد أعلى في البرامج المشتركة ولكن عدد البرامج التي تمت مقارنتها صغير جدًا بحيث لا يمكن استخلاص استنتاجات مؤكدة.
تحمل هذه المخاطر هي مهمة شركة التأمين ويعد إعادة التأمين أحد البدائل لتحمل المخاطر حيث يتم الاستعانة بمصادر خارجية لتحمل جزء من المخاطر.
كلما كان عدد المؤمن عليهم في نظام التأمين متناهي الصغر الصحي أصغر، كلما زادت الحاجة إلى إعادة التأمين لأنه يصعب تغطية التكاليف غير المتوقعة عن طريق الاحتياطيات ولأن تغير المطالبات تعتبر أكثر في هذه الحالة.
تتوقف حاجة شركة التأمين إلى إعادة التأمين أم على حجم المخاطر المقبولة فيما يتعلق بالقدرة المالية لشركة التأمين واحتمال الخسارة، فإذا كان حجم الخسارة المحتملة مرتفعًا، يجب على شركة التأمين أن تسعى إلى إعادة التأمين حتى لو كان احتمال حدوثها منخفضًا.
الخاتمة
· في كثير من الجوانب تنطبق المشاكل المرتبطة بالتأمين الصحي على منتجات التأمين متناهي الصغر الأخرى أيضًا.
· التعليم والمعلومات حول التأمين شرط مسبق ضروري للعملاء، علاوة على ذلك يجب أن تتوافق المزايا مع احتياجات وتوقعات العملاء.
· يبدو أن هناك إجماعًا في خطوط منتجات التأمين متناهي الصغر الأخرى على أن الأحداث عالية التكلفة ومنخفضة التكرار تستحق التغطية بشكل خاص، إلا أن هذا لا ينطبق بالضرورة على الصحة.
· يدرك الفقراء تمامًا عبء الأحداث منخفضة التكلفة وعالية التكرار ولكن يصعب على شركة التأمين الصحي تغطيتها.
· ينتج عن عملية المطالبة تكاليف عالية حيث إنه من الصعب والمكلف الحصول على المعلومات اللازمة للتحقق من المطالبات.
· من أجل برنامج تأمين صحي قابل للتطبيق يوصى بإشراك حاملي وثائق التأمين والمجتمع في العملية التجارية وبالتالي تعبئة رأس مالهم الاجتماعي.
· كلما زادت درجة التقارب بين مصالح شركة التأمين والمؤمن عليه، كلما كان التأمين أكثر قابلية للتطبيق.
رأي الاتحاد
يسعى الاتحاد المصري للتأمين للوصول إلى الفئات التي لا تصل إليها الخدمات التأمينية وتقديم منتجات التأمين المستدام واستثمار كل وسائل ومزايا التحول الرقمي وخصوصا في عمليات التوزيع بهدف تحقيق الشمول التأميني الذي يعد جزء من خطة الدولة لتحقيق الشمول المالي، وفي سبيل ذلك يعقد الاتحاد الشراكات ويقوم بالتعاون مع كافة الجهات والمنظمات والشركات التي يمكن ان تخدم تحقيق هدفه سواء على المستوي المحلي او الخارجي.
ومما لا شك فيه ان الملتقى الإقليمي السادس للتأمين الطبي والرعاية الصحية والذي نظمة الاتحاد المصري للتأمين بالتعاون مع الاتحاد العام العربي للتأمين والجمعية المصرية للرعاية الصحية قد كان أحد وسائل وجهود الاتحاد لتفعيل دور شركات التأمين المصري في منظومة الرعاية الصحية للدولة سواء من خلال تقديم خدماتها الإضافية للفئات الأعلى دخلا او مساعدة الدولة في الوصول الي الفئات محدودة الدخل التي لا تصل اليها هذه الخدمات. وبشكل عام تعمل اللجنة العامة لتأمينات الرعاية الصحيةبالاتحاد على دراسة التوصيات الخاصة بهذا الملتقي ووضع التصورات الخاصة بتنفيذها على ارض الواقع. وهو ما سيتم الإعلان عنه قريبا فور الانتهاء من اعداد هذا التصور.
وبالطبع فإن الجانب التوعوي جزء لا يتجزأ من الية عمل الاتحاد، لذلك يحرص الاتحاد دائما على تقديم مجموعة من النشرات بغرض نشر الوعي بين العاملين بالشركات الأعضاء بالاتحاد وبين كافة الجهات والمؤسسات والكيانات الاقتصادية المختلفة بالدولة.