الظروف الإقتصادية والإجتماعية وتراجع مستوى التعليم وراء ظاهرة الخرف
دراسة حديثة: سكان المناطق الشعبية أكثر عرضة للأمراض العقلية
03:12 م - الجمعة 16 أبريل 2021
إسكان مصر - إبتهال عامر
توصلت دراسة أمريكية جديدة إلى أن الظروف الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والمادية التي يعيش فيها الانسان قد تؤثر على الصحة العامة والعقلية على وجه التحديد.
حيث نشرت المجلة الطبية للأكاديمية الأمريكية لطب الأعصاب، نتائج دراسة أجرتها باحثة في كلية الطب والصحة العامة، بجامعة ويسكونسن الأمريكية، تشير إلى أن الأشخاص الذين يعيشون في مناطق سكنية فقيرة شعبية/عشوائية، وذات كثافة سكانية عالية وفرص تعليم أقل، لديهم تقلص أكبر في حجم الدماغ، ويظهرون ردود أفعال منخفضة في الاختبارات المعرفية، مقارنة بالأشخاص الذين يعيشون في أحياء غنية.
كما أشارت الدراسة إلى أن الخرف يعد أحد الأسباب الرئيسية في جميع أنحاء العالم لتدهور الوظائف المعرفية والسلوكية، وأن تقلص حجم الدماغ يعتبر علامة من علامات الشيخوخة الدماغية التي تعد من المراحل الأولى للخرف، كما انهم معرضون بشدة للأمراض العقلية.
وأوضحت إيمي جيه كيند، الباحثة ومؤلفة الدراسة، أن حتى الآن لا توجد علاجات للشفاء من المرض، لذا من المهم تحديد عوامل الخطر المحتملة القابلة للتعديل.
كما أكدت الدراسة ضرورة انتباه مقدمي الرعاية الصحية للعلامات المبكرة للخرف، والتي قد تكون مهمة بشكل خاص في الفئة السكانية الضعيفة، وقد تشمل بعض الأسباب المحتملة لهذه التغيرات الدماغية تلوث الهواء، وعدم القدرة على الوصول إلى الغذاء الصحي والرعاية الصحية، بالإضافة إلى الحياة الصعبة لسكان المناطق الفقيرة.
وفي هذه الدراسة تم تحديد 601 شخص من دراستين سابقتين لسكان ولاية ويسكونسن، حيث كان متوسط عمر المشاركين 59 عاما، ولم يكن لديهم مشاكل في التفكير أو الذاكرة في بداية الدراسة، على الرغم من أن 69 % منهم لديهم تاريخ عائلي من الخرف، وتمت متابعتهم لمدة 10 سنوات.
وأرادت الدراسة تحديد ما إذا كانت ظروف النشأة في الأحياء الفقيرة قد تؤثر على احتمالات الإصابة بالتنكس العصبي، والتدهور المعرفي المرتبط بالمراحل الأولى من مرض ألزهايمر والخرف.
وقام المشاركون بإجراء فحص أولي للدماغ عن طريق الرنين المغناطيسي، بالإضافة إلى ثم فحوصات أخرى كل ثلاث إلى خمس سنوات، ومع كل مسح، يتم قياس حجم الدماغ في مناطق الدماغ المرتبطة بتطور الخرف والإصابة بألزهايمر.
كما خضع المشاركون لإختبارات التفكير والذاكرة كل عامين، بما في ذلك الإختبارات التي تقيس سرعة المعالجة والمرونة العقلية والوظيفية للدماغ.
وإعتمدت الدرسة على العنوان السكني لكل مشارك، ومقياس يسمى "مؤشر الحرمان" في المنطقة، لتحديد ما إذا كان كل مشارك يعيش في منطقة متميزة أو محرومة، إذ يتضمن المؤشر معلومات عن الظروف الاجتماعية والاقتصادية لكل حي وسكانه، ويصنف الأحياء بناء على 17 مؤشر، بما في ذلك الدخل والعمالة والتعليم وجودة الإسكان.
وكان من بين جميع المشاركين، يعيش 19 شخص في 20 % من الأحياء الأكثر حرمان في ولايتهم، و582 شخص يعيشون في الأحياء الأخرى في ولايتهم.
وتم عمل مقارنة بين الأشخاص في المجموعة الأولى من واحد إلى أربعة أشخاص بالمجموعة الثانية، من حيث العرق والجنس والعمر والتعليم والمقارنة.
وفي حين أنه في بداية الدراسة، لم يكن هناك فرق في حجم الدماغ بين الأشخاص الذين يعيشون في الأحياء الأكثر حرمان ومن يعيشون في الأحياء الأخرى، إلا ان النتائج أوضحت انكماش في مناطق بالدماغ مرتبطة بالخرف لدى الأشخاص في الأحياء الأكثر حرمان، بينما لم يكن هناك انكماش في المجموعة الأخرى.
وأوصت الدراسة بضرورة إلتزام الدراسات المستقبلية بتحديد السبل الفعالة للوقاية، والتدخل المبكر لعلاج مرض الزهايمر الذي يعد أحد أكثر أشكال الخرف شيوعا، ويجب أن تشمل الدراسات مجموعات أكبر وأكثر تنوع من الناس على مدى فترات زمنية أطول، لأن هذه الدراسة تعرضت لقيود جعلتها تتضمن عدد صغير من المشاركين في الأحياء المحرومة للغاية ومن هم في بيئة جغرافية محدودة.
من جانب آخر، توصلت إحدى الدراسات العربية التي أجريت عام 2010، في تخصص الهندسة المعمارية في جامعة النجاح الوطنية بفلسطين، إلى أن البيئة السكنية في المدن القديمة تفقد المعاني الثقافية الحية التي تربط ما بين هويتها الثقافية الإجتماعية الخاصة، والخصائص المعمارية للمباني والمساكن، كل ذلك يؤثر على واقع حال السكان وعلى خصائص الحياة المختلفة لهم.
ونوهت الدراسة العربية إلى أنه على الرغم من إدراك العالم لأهمية المسكن في تحقيق رغد الإنسان وبقائه إلا ان التقديرات أشارت إلى أن اكثر من مليار شخص يقيمون في مساكن دون المستوى الملائم، حيث أن البيئة السكنية في المدن القديمة في دول العالم الثالث قد أصابها الإهمال والهدم بالرغم من أنها تعتبر من أغنى المناطق أعرقها حضارة وتاريخ.