بلاغ لوزير الإسكان .. جهاز ٦ أكتوبر يخالف القانون ويبيع الوهم لشركات إعلانات الطرق
سمك لبن تمر هندي، هذا هو الوصف الدقيق لتعامل هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة مع ملف شركات إعلانات الطرق، فبينما يوجه فيروس كورونا المستجد ضربة ثالثة وقاسية للمجتمع المصرى، والعالم أجمع، وفى الوقت الذى تجتهد فيه كل حكومات دول العالم وفى القلب منها الحكومة المصرية لإتخاذ تدابير واجراءات استباقية للحفاظ على أرواح مواطنيها ، ووضع وتنفيذ حزمة من القرارات والسياسات التحفيزية الداعمة للاستثمار للحد من التداعيات المدمرة والكارثية لهذا الوباء على كافة مناحى الاقتصاد .
فاجأ جهاز مدينة 6 اكتوبر الجميع، بنشر إعلان فى إحدى الصحف الحكومية الصادرة صباح الاربعاء الموافق 28/4/2021 يعلن فيه عن إجراء مزايدات على حقوق استغلال اعلانات الطرق «القائمة والمرخصة» يمين ويسار محور 26 يوليو ، وهى اعلانات قام الجهاز بترخيصها بالفعل لشركات اعلانات؟!
حالة من الاندهاش والاستغراب والاستياء سيطرت على شركات اعلانات الطرق المالكة لحق الامتياز الاعلانى لتلك الاعلانات، خاصة وأن معظم تلك الشركات – إن لم يكن جميعها – مازلت تعانى من ظروف مالية طاحنة جراء التداعيات السلبية التى تسبب فيها فيروس كورونا والتي مازالت مستمرة منذ أكثر من 14 شهر، ونتج عنها عزوف أكثر من 80% من المعلنين عن تأجير تلك الاعلانات، وبالتالى عدم دخول أية عوائد لوكالات الإعلان ،وهو الأمر الذى تسبب بدوره فى دخول تلك الشركات فى حالة غير مسبوقة من التعثر المالى.
ورغم تقدم تلك الشركات بتظلمات لجهاز المدينة لاعفائها من الرسوم المقررة على تلك الاعلانات خلال فترات اعلان حظر التجوال – على الأقل – أسوة بما تم تنفيذه فى جهات حكومية عديدة، إلا أن طلباتهم قوبلت بالرفض، وبدلاً من أن يقوم جهاز مدينة 6 اكتوبر بدعم الشركات للخروج من الأزمة، زاد الطين بلة وقام بطرح الإعلانات المرخصة لهم فى مزايدات!!
الغريب في الأمر أن مدينة 6 أكتوبر تشهد حالياً تنفيذ مشروع قومى للقطار السريع " المونوريل" والذي تم تحديد مساره ليكون فى الجزيرة الوسطى بمحور 26 يوليو ، وتم البدء في تنفيذه بالفعل قبل 6 اشهر ، وتم الانتهاء من الأعمدة الخرسانية الحاملة لجسم المونوريل بالجزيرة الوسطى، وهو الأمر الذى تسبب بدوره فى حجب الرؤية تماما عن الاعلانات المرخصة والقائمة للشركات والتى يتم في الوقت نفسه طرحها فى مزايدات علنية، على الرغم من أن حجب الرؤية تسبب فى اضعاف بل تدمير قيمة المواقع الاعلانية تسويقياً، وأدى الى عزوف العملاء والمستأجرين عنها ، وهو ما تسبب بدوره فى الحاق أضراراً مالية كبيرة بشركات الاعلانات.
وهو ما سبق وحدث في إعلانات محور المشير إذ أن كل الشركات الحاصلة على تراخيص إعلانية هناك، قامت بإلغاء تعاقدتها مع الجهات المانحة للتراخيص بسبب حجب الرؤية الناتجة عن أعمال المونوريل.
وفيما توقعت الشركات تعاون الجهاز معهم والبحث عن حلول لتلك المشكلة، وجدوه يتجه لطرح اعلاناتهم فى مزايدة ، وهو الأمر الذى دعا معظم تلك الشركات الى التساؤل عما اذا كان جهاز مدينة 6 اكتوبر يسعى لخداع شركات الاعلانات الجديدة، من خلال طرح اعلانات – تم حجب الرؤية عنها تماما وأصبحت غير ذات قيمة – فى مزايدة ؟!
مسؤول بإحدى شركات الاعلانات، أكد أن هناك أخطاء كثيرة وقع فيها جهاز مدينة 6 أكتوبر باعلانه عن المزايدة على اعلانات قائمة كونت مراكز قانونية ثابتة ومستقرة على مدار سنوات سابقة، فالمزايدة لا تكون الا على نقاط ومواقع شاغرة وليس على اعلانات مرخصة لشركات أخرى، واصفا هذا القرار بأنه: «غير مسبوق وسيتسبب فى تدمير صناعة الاعلانات بشكل عام ، ويفتح الباب للممارسات الاحتكارية التى يكون فيها البقاء لمن يملك أموالاً ضخمة ،وسيؤدى لغلق وافلاس وتشريد الشركات الصغيرة والمتوسطة، ويؤدى فى الوقت نفسه لخلق صراعات كبيرة ونزاعات خطيرة بين شركات الاعلانات»، وهو الأمر الذى سيلقى بظلاله السلبية على هذه الصناعة بشكل عام.
ويضيف أن الاعلانات المرخصة تم ترخيصها وفقا للائحة الاعلانات المطبقة بمحافظة الجيزة والتى تستمد نصوصها من مواد قانون الاعلانات رقم 66 لسنة 1956 ، وانه وبشكل مفاجىء وغير مبرر ، قرر جهاز مدينة 6 اكتوبر تجميد تطبيق هذا القانون ،وقام باستدعاء قانون تنظيم التعاقدات التى تبرمها الجهات الحكومية رقم 182 لسنة 2018 ، وقانون انشاء هيئة المجتمعات العمرانية رقم 59 لسنة 1979 ، وقام بإخضاع المزايدة لهذين القانونين، مشيرا الى انه لا يصح أن يقوم الجهاز بتجميد قانون من الأصل ظل يتعامل به لسنوات.
كما أن قانون الاعلانات فى هذه الحالة قانون خاص، وما دونه قوانين عامة، وانه وفقا للقواعد القانونية المستقرة والمتفق عليها انه اينما وجد القانون الخاص فإنه يقيد ويغل القانون العام .
يضاف لذلك أن معظم الشركات لجأت للقضاء للحفاظ على حقوقها وحماية آلالاف من العمال من مصير مجهول ومن التشريد، وتقدمت بشكاوى وتظلمات للعديد من الجهات المعنية ،للمطالبة بوقف تلك المزايدة، والمطالبة بتعويضات عن الأضرار التى تسبب فيها جهاز مدينة 6 اكتوبر ونتج عنها خلق حالة من عدم الاستقرار والتهديد بضياع استثمارات تكلفت مئات الملايين من الجنيهات.
ومن ناحية اخرى تستعد شعبة الاعلانات بغرفة الطباعة باتحاد الصناعات المصرية، للقيام بعدد من الخطوات للحفاظ على حقوق أعضائها وفقا للقانون .
ليبقى السؤال الذى يطرح نفسه: هل يتدخل وزير الاسكان والمرافق لوقف المزايدة وحماية استثمارات تلك الشركات من الضياع والحفاظ على العاملين بها من مصير مجهول؟ أم سيترك الأمور هكذا؟