لماذا التعامل بـ «البيتگويـن» ممنوع في مصر؟خبراء يجيبون
اسكان مصر- بريچيت فكري
الغايش»: منفذ كبير للأموال المشبوهة و المضاربة فيها محفوفة بالمخاطر «راشد»: يتم استخدامها فى تمويل الأنشطة غير المشروعة «الجرم» : باب آمن للتهرب الضريبى «عبد الهادى»: تضر باقتصاد الدولة وعملتها المحلية والاحتياطى النقدى حذرت الهيئة العامة للرقابة المالية برئاسة الدكتور محمد عمران، المستثمرين من مخاطر الاشتراك فى عمليات الاكتتاب الأولى فى العملات الافتراضية Initial Coin Offering -ICO والتى تهدف لجمع أموال من المواطنين، ومن مخاطر دعوات الانسياق وراء العملات الافتراضية المشفرة وما يرتبط بها من معاملات فى ضوء أنها غير خاضعة لرقابة أى جهة داخل مصر، وتشكل تحايلاً على المنظومة النقدية الرسمية وما يرتبط بها من قوانين وتشريعات.
وأكد الدكتور محمد عمران رئيس هيئة الرقابة المالية أن الهيئة لم ترخص أو تقنن تلك العملات الافتراضية أو المنتجات المرتبطة بها، ولا توافق على التعامل فيها أو استخدامها، وكذلك تعتبر أن دعوات تحفيز المستثمرين للدخول على تلك الأنواع من التعاملات، ارتكازاً على صعود أسواقها أو لضمان تحقيق عوائد مجزية يُعد نوعاً من أنواع التضليل الذى يقع تحت طائلة المساءلة القانونية.
ومن جهته أكد خبير أسواق المال حسام الغايش حسام أن التداول والمضاربة فى العملات الافتراضية، فيه الكثير من المخاطر المرتفعة، نظرا لعدم وجود قوانين منظمة لها فى العالم، وتذبذبها السعرى غير المنطقى الذى لا يستند إلى أى أسس استثمارية أو قواعد متعارف عليها كتلك التى يتعامل الناس بها فى الأسهم، أو العقار أو أى أداة استثمارية أخري، حيث إن تدخل بعض البنوك المركزية حول العالم حتى الآن جاء إما بالمنع أو بقرارات تسمح بها، لكن دون تشريعات دولية واضحة كتلك المتعارف عليها فى السياسة النقدية والمالية على مستوى العالم.
وقال إن هذه التعاملات تعتبر مجهولة ومنفذا كبيرا للأموال المشبوهة وقناة آمنة لعمليات غسل الأموال إلا أنه لا توجد حتى الآن رقابة أو أطر قانونية للاستثمار بها أو عن طريقها كأداة للدفع، ولذلك فإن المضاربة فيها محفوفة بمخاطر عدة واحتمالية خسارة الأموال فيها كبيرة بسبب التذبذبات السعرية الكبيرة، وأيضا بسبب عدم تغطيتها بأصل أو قيمة حقيقية
ولفت «الغايش» إلى أنه يجب أن يحافظ المستثمرون على أموالهم وألا يندفعون وراء أحلام الثراء السريع، التى ربما يكون ثمنها خسارة كل أموالهم، حيث إنه لابد أن يكون للعملة الافتراضية أساسا تنظيميا متعارف عليه، وهذا لا يتوافر حتى الآن، كما أنها حتى الآن حالة وهمية تجتاح العالم ولا توجد أى سيطرة عليها من قبل المتعاملين فيها، فضلا عن أن المضاربين بها لا يمتلكون أى شيء ملموس يحفظ أموالهم كبقية أنواع الاستثمار.
وأكد أن هذه العملات تعد خطرا على الاقتصاد وبيئة الأعمال لعدة أسباب، منها عدم وجود قوانين منظمة لها فى العالم. وعدم خضوعها لرقابة البنوك المركزية فى الدول. وعدم معرفة مصدر الأموال وكونها منفذا للأموال المشبوهة. واحتمالية كبيرة لخسارة الأموال بسبب التذبذب السعرى المرتفع. وعدم وجود أساس لها فى السياسة النقدية المتعارف عليها دوليا، وبالتالى كان يجب أن تتدخل الهيئة العامة للرقابة المالية لوضع حد لهذه الظاهرة الخطيرة.
ومن ناحيته أوضح الخبير الاقتصادى الدكتور محمد راشد المدرس بكلية السياسة والاقتصاد جامعة بنى سويف أن العملات الرقمية أو المشفرة هى عملات افتراضية يتم تداولها بشكل إلكترونى أو عبر الإنترنت فقط، ولا يمكن طباعتها مثل النقود الورقية والمعدنية، كما يمكن شراء أى سلعة أو خدمة من خلالها مثلها مثل النقود التقليدية، وأهم ما يميز العملات الرقمية أنها عملات يتم التعامل بها مباشرة بين شخص وآخر دون الحاجة لوسيط مثل الحكومات والبنوك، ويوجد أكثر من 1200 عملة رقمية حول العالم، ويأتى على رأس أشهر وأهم العملات الرقمية على الإطلاق حول العالم هى عملة البيتكوين (Bitcoin)، وهى أول عملة رقمية غير مركزية فى العالم.
وقال إن العملات المشفرة أصبحت تحتل اهتماما متزايداً منذ العقد الماضي، حيث باتت محط أنظار وعامل جذب للكثيرين الذين أصبحوا يفضلون التعامل بهذه العملات على العملات النقدية العادية. وأشار«راشد» إلى أن من أبرز مخاطر العملات الرقمية أنها غير مضمونة على الإطلاق، وإذا تعرضت للسطو عليها لا يوجد جهة مختصة يمكن إبلاغها بهذا السطو، كما أن هذه العملات قد يتم استخدامها على نطاق واسع فى تمويل الأنشطة غير المشروعة كتجارة الأعضاء والسلاح والمخدرات وغيرها بعيداً عن أعين السلطات النقدية المختصة، علاوة على أن الأنشطة الاقتصادية التقليدية التى تدخل فيها لا تخضع للضرائب مما يضيع على الدولة موارد مالية مهمة كانت ستدعم موازنتها، كما أنه لا توجد عوامل حقيقية تستند عليها فى تحديد قيمتها السوقية، ولذلك تتعرض لتقلبات حادة مما يعرض الأفراد والمستثمرين فيها لخسائر فادحة جراء المضاربات التى تتم عليها. وبالتالى لابد من وجود إطار تشريعى وآخر مؤسسى يحكم عملية إصدار العملات الرقمية ما دامت فرضت نفسها على الواقع حماية للأفراد ومدخراتهم من جهة وكذلك حماية مقدرات الدولة جراء العمليات غير المشروعة التى تستتر خلف هذه العملات كغسيل الأموال وتهريبها وتمويل الأنشطة غير المشروعة كما أن تنامى استخدام هذه العملات بالوتيرة الحالية سيؤثر سلبا على دور البنوك المركزية فى تحقيق مستهدفات السياسة النقدية.
ومن جانبه أشار الدكتور رمزى الجرم الخبير الاقتصادى والمصرفى إلى أن أزمة «كورونا»، وما أثارتها من تداعيات سلبية على جميع الاقتصاديات العالمية، وفى ظل تنامى الاعتماد على التحول الرقمى بشكل كبير أثناء الأزمة، أدى الى زيادة التعامل على العملات المشفرة بشكل عام، والبيكوين بشكل خاص، وأدى إلى ارتفاع قيمتها بشكل غير مسبوق، خصوصاً فى ظل ضعف أوجه الرقابة على تعاملات العملات المشفرة بسبب جائحة كورونا، مما كان له انعكاسات سلبية على الاستثمار بشكل خاص، لعدم رصد تدفقات الاستثمار الأجنبى بشكل دقيق، فى ظل التعامل بتلك النوعية من العملات. كما أشار إلى أن العملات المشفرة ظهرت بشكل أقوى خلال الفترة الأخيرة الماضية، باعتبارها نقودا إلكترونية توفر نظاما جديدا للدفع، بشكل كامل، ويتم إدارتها بالكامل من قبل مستخدميها دون أى سلطة مركزية أو وسطاء، ومن أهم مخاطر عملة العملات المشفرة هى عدم وجود كيان مركزى يحكم التعامل بها، ويمكن الرجوع إليه عند حدوث أى مشكلة، حيث إنها مرتبطة - فقط -وبشكل كامل بشبكة الإنترنت، كما أن التشفير والسرية فى التعامل عليها ليس ميزة بل من أكثر عيوبها، لأنه يجعلها ملاذا آمنا للتعاملات المشبوهة والتهريب وتجار المخدرات والسلاح وتمويل الإرهابيين، فضلاعن شيوع جرائم التهرب الضريبي، حيث إن التعامل بها يجعل الحكومات ليست على علم بما يملكه الأفراد وما يستحق عليهم من ضرائب.
ومن جهته أشار محمد عبدالهادى خبير أسواق المال إلى أن «الرقابة المالية» أطلقت عدة تحذيرات من قبل فى التعامل على العملات الافتراضية المشفرة، حيث لا يوجد لها غطاء أو حماية من قبل البنوك العالمية وتستخدم فى عمليات غير قانونية أو فى تمويل المنظمات الإرهابية وبالتالى فالانسياق وراء التعامل مخالف من الناحية القانونية والشرعية.
كما أشار إلى أن تحذيرات الرقابة المالية نابع من المكاسب الكبيرة التى تروج للتعامل مع تلك العملات من قبل أفراد هدفهم فقط الاحتيال وبالتالى استوجب توضيح أن التعامل غير قانونى وأن التعامل فى القنوات التى لها غطاء وحماية قانونية وتشريعية مثل مجالات ( البورصة والمشتقات بورصة السلع ) وتم عمل قوانين لحماية المستثمرين وفقا لقانون 95 لسنه 1992 وقانون 3 لسنه 1981 الخاصة بقوانين سوق المال. وبالتالى محاسبة من يقوم بالترويج للتعامل بها لأنها فى الأساس لها أضرار على اقتصاد الدولة وعلى قيمة عملتها المحلية، وعدم سيطرة الدولة على المبالغ المرحلة التى تضر بالاحتياطى النقدى للدولة.