محمود الجندي
القاهرة الجديدة .. هل من مزيد
في حركة تنقلات يمكن وصفها بـ«الجيدة»، أصدر وزير الإسكان الدكتور عاصم الجزار عدة قرارات «منفرداً» - والانفراد هنا مقصوداً به صدورها دون علم عدد كبير من القيادات- جميع هذه القرارات كان المحرك الرئيسي فيها هو جهاز مدينة القاهرة الجديدة والذي يعاني من حالة ضعف غير مسبوقة..
عشرات الشكاوى يمكن مطالعتها على مواقع التواصل الاجتماعي وعلى صفحة وزارة الإسكان وعلى جروبات سكان مدينة القاهرة الجديدة وعلى صفحة مجلس الوزراء، وجميعها تكشف عن الحالة التي وصلت إليها المدينة والتي باتت تئن تحت وطأة الإهمال والضعف الإداري لجهاز المدينة.
التغييرات التي شملها قرار الوزير، طالت عناصر ما كان يجب لها البقاء في موقعها داخل جهاز المدينة طوال تلك السنوات الماضية، فعلى الرغم من وجود توصية بضرورة التبديل بين الموظفين في أجهزة المدن كل عامين وتغيير موقع العمل، إلا أن بعض من شملهم القرار الأخير كان لهم أكثر من 10 و15 سنة في موقعهم الوظيفي داخل نفس الجهاز وهو ما قد يفتح الباب أمام بعض ضعاف النفوس للانخراط في موجات الفساد التي تشهدها المؤسسات المدنية.
نشكر الوزير على قراراته .. لكن هل هذا هو نهاية المطاف؟ بالتأكيد الجهاز به مئات الموظفين والعاملين لكن من يستحقون النقل والتغريب بين الأجهزة لا يتجاوز عددهم المئة موظف، لكنهم مسيطرون بشكل كبير على مفاصل المدينة وملفاتها بل إن بعضهم صدرت له قرارات نقل وتم سحبها أو تعليقها دون سبب واضح .. وفي هذا قل في السر ما تشاء من حدوث وساطات أو ضغوط لسحب هذا القرار أو تعليقه.. أي أن بعضهم أقوى من رؤسائهم بل ورؤساء رؤسائهم في السلم الوظيفي وقادرون على وقف تنفيذ أي قرار يخصهم ولا يوافق هواهم!!
ما حدث جيد واقترب من قلب الأزمة ولب المشكلة .. لكن يحتاج ذلك لقرارات أخرى تستكمل تصحيح مسار الجهاز الذي يغرد بعيداً عن السرب، بل لم يعد أحد يعرف من يدير الجهاز .. أضف إلى ذلك عدم قدرة ملحوظ على إدارة دفة المدينة الكبيرة والهامة ممن أسندت له هذه المهمة، فلا يمكن لأي مهندس أن يدير مدينة بهذا الحجم دون أن يمتلك ما يؤهله من خبرات في هذا الشأن، خبرات في التعامل مع المواطنين والمستثمرين وكبار المستثمرين العرب بجانب التعامل مع المواطن البسيط ..
جهاز القاهرة الجديدة يحتاج إلى نظرة ثانية لإعادة ترتيبه من الداخل .. ونحن في انتظارها.