محمود الجندي
10 شائعات تربك «سوق العاصمة» وترفع مستويات «القلق» لدى العملاء
قائمة متداولة على «واتس آب» تضم أسماء 8 شركات تم سحب أراضيها .. وأخرى عجزت عن سداد أقساطها
مطور يهرب للخارج .. وشركة تبيع «ربع برج» وتفشل في تسويق باقي مشروعها
منطقة الـ«داون تاون» تحصد نصيب الأسد من الشائعات.. والقلق يدفع العملاء للضغط على المطورين
في كل مجالات الحياة هناك تقديرات يضعها صانع القرار يحاول من خلالها توقع حجم الخسارة المترتبة على نشاط ما سيقوم به أو سيمتنع عنه.. في عالم السياسة هناك مكاسب وخسائر .. نجاحات وتنازلات .. وفي الطب هناك نسبة مئوية للفقد في العمليات الكبرى فما كان دون هذه النسبة فهو طبيعي وفي الحدود الآمنة.. أما ما زاد عنها فهو الخطر بعينه وهنا يجب التوقف والبحث عن أسباب الزيادة في النسبة المتوقعة لعدد الوفيات وتلافيها..
حتى في الحوادث المرورية والحروب هناك نسب تقديرية لحالات الفقد هي بمثابة مؤشر الأمان أو الخطر في ذات الوقت .. وفي عالم البيزنس والمشروعات الكبرى يجب أن تكون هناك دراسات تتضمن في جزء منها تعثر هؤلاء وإخفاق أخرين فهو أمر طبيعي مادام في الحدود الطبيعية.
في العاصمة الإدارية الجديدة .. هذا المشروع الضخم الذي يضم مئات المستثمرين يجب أن تكون هناك نسبة «فقد» في إجمالي عدد المشروعات لا يمكن أن تسير الأمور بشكل سليم 100% فهذا قانون الحياة.. هناك مستثمرون جادون لديهم الخبرة والكفاءة والملاءة المالية وقادرون على إنجاز مشروعاتهم بأقصى درجات الالتزام .
وهناك مستثمرون تنقصهم الخبرة أو الملاءة المالية أو الفنية وهؤلاء يكملون الصورة ولكن بدرجات أقل.. وهناك مستثمرون لا يملكون ما يملكه هذا أو ذاك ولكنهم قرروا المغامرة والتجربة قد ينجحون وقد يتعثرون وما بين الاحتمالين لا يعتبر سقوطهم أو تعثرهم أمراً يعيب المشروع أو يسيئ إليه .. بل هو قانون الحياة فليس الجميع على نفس القدرة والموهبة.
على مدار الأشهر الماضية كنا على موعد مع عشرات الشائعات التي لم تجد نفياً رسمياً أو تأكيداً لها.. وجميعها تراوحت ما بين شركات متعثرة ولا تستطيع سداد الأقساط، وأخرى دار الحديث عن سحب الأرض منها، وثالثة عن استقطاع جزء من المساحة المخصصة لها، ورابعة تبحث عن مشتري يأخذ الجمل بما حمل، وخامسة فتحت البيع في برجها المطل على البرج الأيقوني وباعت الوحدات التي تطل على منطقة الأبراج المركزية وفشلت تسويقيا في بيع باقي وحدات المشروع.
في الفقرة السابقة ذكرت لك 5 شائعات طالت 5 شركات موجودة على أرض الواقع، وحتى لا أبخسك حقك في المعرفة سأذكر لك شائعات أخرى فلا يمكننا وصفها بالمعلومة الأكيدة وهذا هو مربط الفرس.
الشائعة الأكثر انتشارا كانت عن سحب قطعة أرض مخصصة لإحدى شركات التطوير العقاري الشهيرة بل وطرد عمالها منها، وهي ذات الشركة التي قامت قبل عدة أشهر برد قطعة أرض لعدم قدرتها على تنمية المشروع المزمع إقامته عليها، وقامت وفقاً للمتداول في السوق برد أموال الحاجزين لهم.. هذه الشركة سرعان ما أصابتها شائعة سحب أخر مشروعاتها في العاصمة بل وهروب صاحبها إلى إحدى الدول الخليجية وبحث العملاء عن أموالهم المفقودة..
وبعد شهر تقريباً .. انقلبت دفة الشائعة للاتجاه المعاكس بأن دار الحديث عن عودة الشركة لاستئناف العمل في المشروع، والشراكة مع مستثمر أجنبي لدفع العمل وتسليم الوحدات للعملاء في موعدها.. بل الأدهى من ذلك أن شائعة السحب بقدرة قادر أصبح المقصود بها شركة أخرى لها اسم كبير في السوق العقارية، وأن هذه الشركة الأخيرة عجزت عن دفع قسطين متتاليين من أقساط الأرض وأصبحت معرضة لسحب مشروعها!
عزيزي القارئ انتظر .. ما سبق هو 6 شائعات فقط .. هناك المزيد ومنه توجيه إنذارات بالسحب لـ8 شركات عقارية من بينها جمعيات إسكان وشركات أخرى ذات ملاءة مالية قوية لكنها لم تكن بعيدة عن مرمى الشائعات.
بالتأكيد وصلتك هذه القائمة المتداولة عبر واتس آب، والتي أحيانا تصلك على شكل رسالة مكتوبة أو صورة جدول يضم 8 شركات وجمعيات مدون أعلاها شركات تم سحب الأرض منها بجانب ذكر رقم القطعة وتاريخ التخصيص! وهي بالمناسبة معلومات متاحة وليست بسرية.
نعود مرة أخرى لمربط الفرس، هناك عشرات الشائعات التي تطال شركات التطوير العقاري في العاصمة، وخاصة في منطقة «داون تاون» والتي شهدت دخول عدد كبير من الشركات للاستثمار في فترة وجيزة، وكان لها نصيب الأسد من الشائعات، بل إن قيام أحد المطورين في العاصمة بسداد قرابة 500 مليون جنيه أقساط مستحقة عليه، كان مثار حديث السوق أيضاً وكيف لشركة جادة أن تحتفظ بهذا الحجم من السيولة النقدية ولا تضخها في مشروعاتها؟
ناهيك عن الحديث عن المشكلات الفنية التي تخص تصميم العديد من المشروعات، وكيف ارتكب المطورون أخطاء هندسية كبدتهم ملايين الجنيهات لإصلاحها والحفاظ على ثقة العملاء وهو أمر نناقشه باستفاضة لاحقاً.
وحتى لا يتوه منا الحديث، دعونا نعترف بأن وجود شائعات في أي سوق أمر طبيعي، وحصول منافسة بين الشركات واستخدام بعضها سلاح الشائعات لضرب الخصوم متوقع، لكن بين كل هذا وذاك يجب أن يكون هناك وأد سريع للشائعات التي تؤثر سلبا على الشركات الجادة، فعندما تنتشر شائعات عن سحب قطعة أرض أو تعثر شركة عن سداد القسط المستحق عليها وغيرها من هذه الأمور يرتبك العميل ويرتفع لديه هرمون القلق أو «الكورتيزول» ليبدأ في الضغط على الشركة ليتأكد من مصداقيتها وجديتها، وهو أمر مرهق والعميل فيه معذور فهو يتعامل في سوق عقاري شهرته الأوسع جاءت من تكرار حالات النصب على العملاء فيه، بداية من «كيس البلح» في فيلم «كراكون في الشارع» وصولا لمبادرة «بيتك بإيدك».
المطلوب هو أن تتصدى شركة العاصمة الإدارية الجديدة لهذا الأمر، وأن يكون هناك بيان صحفي دوري عن الشركات التي تنفذ بمعدلات جيدة وملتزمة بضوابط واشتراطات المشروع المخصص لها، وهو أمر سيدعم وبشدة الشركات الجادة، وسيحفز الشركات المتراخية على سرعة الانجاز اذا ما كانت لديها رغبة في تسويق وحداتها والحصول على ربح من المشروع، أما أن يترك الحابل ليختلط بالنابل فهذا ظلم للشركات الجادة التي تسعي لإعمار العاصمة الإدارية ودفع السوق العقاري للأمام .. ولا أظن أن شركة العاصمة الإدارية بما لديها من أدوات تراقب هذا الحجم الكبير من المشروعات غير قادرة على إعداد تصور حقيقي لوأد الشائعات التي باتت تؤثر على جميع المطورين خصوصا الجاد منهم .