محمود الجندي
القاهرة الجديدة ملايين مهدرة وشوارع غارقة بالمجارى .. فمن المسئول
هل يُخدع «الوزير» ممن حوله مرتين؟
المشرف على المنصورة الجديدة حصل على كامل الدعم والتأييد ثم خدع الجميع .. فهل ننتظر تكرار الأزمة حتى نتحرك ونتخذ القرار؟
قدرات «غنيم» تؤهله لقيادة إحدى المدن الناشئة الواعدة .. والتجمع «شيلة تقيلة» تحتاج مواصفات خاصة
أهل الثقة وراء تدهور أحوال المدن الجديدة .. وعلى الوزير أن يكون أكثر انفتاحا بالاستماع لكافة الأراء
لا نية حقيقية يمكن أن تشعر بها في تحركات مسؤولي وزارة الإسكان لحل أزمات القاهرة الجديدة، فالمسلك المتكرر لمواجهة الأزمات لا جديد فيه، فهم يأتون نفس الفعل مرتين وينتظرون نتائج مختلفة .. دوائر مفرغة يدور فيها سكان المدينة .. ودوائر أخرى من الإنكار والاستهتار يدور فيها المنوط بهم إدارة هذه المدينة.. حالة من الفوضى على كافة المستويات فما يحدث منهم لا يتجاوز «المسكنات».
فور أن انتهى الزملاء من إعداد التقرير المنشور في هذا العدد الأخير حول الإنفاق الكبير على رفع كفاءة محطات المياه والصرف الصحي في مدينة القاهرة الجديدة، كان أخر ما سجلناه من أعطال ضربت مرفق الصرف بتاريخ 13 أكتوبر الجاري وكان كالعادة من نصيب محطة جنوب الأكاديمية.. وقبل مثول الجريدة للطبع طالعنا جهاز المدينة بنبأ كارثة جديدة بتاريخ 16 أكتوبر معلناً حسب نص ما نشر على صفحة الجهاز الرسمية الآتى: «إنهيار فى خط قطر ٦٠٠مم زهر مرن نتيجة أعمال الحفر لتنفيذ خطوط الانحدار أمام فندق الميراج الأمر الذي استلزم قفل المياه وجارى التجهيز للاصلاح ويستغرق العمل حوالي ( ٨ ساعات) المناطق المتاثرة: التجمع الأول وجزء من الرحاب ١ وأكاديمية الشرطة».. انتهى البيان والكوارث لم تنتهى بعد .
الحقيقة أن الخبر الأخير هو أكبر دليل على غياب الاحترافية في العمل بل وغياب مفهوم الهندسة بشكل عام، فقبل تنفيذ أي مشروع هناك عشرات الاجراءات الاحتياطية وهناك عدة سيناريوهات للتعامل مع أي طارئ .. لكن في القاهرة الجديدة يصبح السكان ويمسون ما بين «نعتذر عن العطل المفاجئ – وتم بحمد الله الانتهاء من إصلاح العطل.....!!!! دوامة من الأزمات لا يعلم لها نهاية إلا الله .
الوضع في المدينة غريب وحال السكان «يصعب على الكافر» لكن هل وجدت هذه الحالة تعاطفاً من المسؤولين عنها بالتأكيد لا .. الجميع يسدد نمر على الورق لكن على الأرض الجريمة قائمة والإهمال لا يغيب والمسؤولية تتفرق دماؤها بين القبائل والجميع يجلسون على المقاعد يتقاضون الرواتب وبدلات اللجان ويسافرون ويحصلون على جوائز تفوق بطعم «الصرف الصحي» الطافح في أحياء التجمع أول وثالث وخامس.
تخيلوا أن هذا الحال وتلك المأساة في مدينة بحجم القاهرة الجديدة فما بالكم بمدن أخرى كما يقولون بالبلدي «راحت في داهية» ويمكن أن نعدد لكم أسماء مدن سقطت في الإهمال وعلى رأسها العبور وأسيوط وبني سويف الجديدة والمنيا الجديدة التي كانت في طريقها لنهضة حقيقية لكن القدر كتب نهايتها.
ناهيك عن الفضيحة الكبرى التي استدعت إقالة رئيس جهاز مدينة دمياط الجديدة المشرف على مدينة المنصورة الجديدة والذي أحرج قياداته ولم يكن على قدر الثقة .. وهو أيضاً سبق وأشرنا إلى فشله في إدارة ملف المنصورة الجديدة ولم يستمع أحد بل كانوا يتغنون بشطارته ونجاحه وحظى بالدعم الكامل إلى أن فعل ما فعل!!
هكذا كل الملفات تدار بواسطة أهل الثقة وليس الكفاءة .. الترشيحات الأخيرة مشوبه باختيار الضعفاء وصغار تم وضعهم في مقاعد الكبار.. ومهام أسندت لغير أهلها ووقائع يندى لها الجبين وعشرات القصص والحكايات عن هذا وذاك وجميعها يمكن التحقق منها بكل سهولة لمن أراد بحق أن يواجه الفساد والبيروقراطية والإهمال.
أما الأزمة في القاهرة الجديدة فتحتاج إلى قيادة من نوع أخر، نشفق على رئيس الجهاز أمين غنيم فقد توسمنا فيه القدرة على إدارة مدينة بهذا الحجم .. لكن تجربة أكثر من عام ونصف كشفت العكس حيث ينجح غنيم في إدارة المدن الناشئة مثل أسيوط الجديدة وهذا ليس عيباً فكل إنسان له قدرات قد تتناسب مع موقع أو مهمة وقد يفشل في مهمة أخرى أو مكان أخر.. هذا بالضبط ما حدث فقد كان صاحب خطوات ملموسة في مدينة أسيوط الجديدة بينما سقطت من يديه مدن العبور والقاهرة الجديدة وبرج العرب، فلماذا لا يتم الاستفادة منه مجدداً في إحدى مدن الصعيد الواعدة؟
القدر نفسه منح غنيم فرصة النجاح في الشتاء الماضي حيث مر فصل الشتاء دون سقوط أمطار أو سيول وكانت هناك فرصة لتحقيق نجاح ملحوظ .. لكن مع الأسف حال المدينة بات في النازل ولا أمل فيها إلا بقيادة جديدة قوية جريئة صاحبة قرار وهي مميزات تتوافر في العديد من رؤساء الأجهزة من خارج دوائر «أهل الثقة والسمع والطاعة وعديمي الطموح».
من الخطأ صمّ الاذان عن الاستماع لكافة الأراء، فالاستجابة والتفاعل مع رأي واحد وصوت واحد هو طريق نهايته الفشل.. لكن الاستماع لكافة الأراء وفتح كافة النوافذ هو الوسيلة الوحيدة لتكوين رأي سليم واختيار صحيح.. وما أخشاه أن يخدع الوزير ممن حوله مرتين وثلاث مرات مالم يفتح الباب على مصراعيه أمام المخلصين لوطنهم ووزارتهم.
نسأل الله التوفيق للجميع.