محمود الجندي
سوق «التطبيل» العقاري
رغم أن ما تشهده السوق العقارية في مصر من حالة نشاط هي حالة غير مسبوقة وجديدة على مجال التطوير العقاري، إلا ان تحويلها إلى «مهرجان» أصبح أمر مقلق للغاية وملفت للانتباه .. فالمهرجانات لم تعد قاصرة على سوق الغناء ولكن امتدت إلى سوق التطوير العقاري والذي تحول خلال الفترة الأخيرة إلى سوق للتطبيل العقاري واحتلت فكرة «الشو واللقطة» صدارة المشهد على حساب الجودة والثقة والالتزام بالوعود.
في كل يوم نشاهد ونسمع ونرى حفلات صاخبة أقرب إلى المهرجانات الفنية منها إلى التطوير العقاري، وكلام جميل عن أهمية هذا المشروع أو ذاك لكن هل ستحقق وعود المهرجانات على أرض الواقع وسيتسلم العميل وحدته كما في التصميم المنشور؟ نتمنى ذلك وان كنت أعتقد أن سوابق الأداء وطريقة طرح المشروعات تشير إلى غير ذلك.
حالة غريبة من البهرجة والطبل والزمر وكأن المشروع قد نفذ بالفعل أو أن العملاء قد تسلموا وحداتهم، فكل الهدف مما يحدث هو الترويج للمشروع وهو ما قد يتحقق بطرق أخرى يحكمها المنطق والعقل والرصانة ولا مانع من حفل تدشين هنا أوهناك، ولكن خير الأمور الوسط، حتى اذا حانت لحظة التسليم لم تكن ذكرى هذه الحفلات وبالا على أصحابها.
على مدار تاريخ مصر هناك مئات المشروعات العمرانية الضخمة نفذتها شركات مقاولات وتطوير عقاري كبرى لم تسقط إحداهن في فخ المهرجانات ورغم ذلك تمثل أسماء هذه الشركات علامة بارزة في السوق العقارية، فلم لا يتم الاقتداء بهذه النماذج.. لماذا لا يكون الترويج للمشروعات أكثر تعقلاً والتزاما وانضباطا بشكل يعكس شخصية الشركة وقيادتها ! لماذا نميل دائماً للصراخ والتشنجات في الترويج لمشروعاتنا.
كل هذه المظاهر لم تعد تنطلي على العملاء سواء أكانت حفلات أو استقطاب نجوم مجتمع بـ«الإيجار» لأداء دور معروف سلفاً، ولكن ما يقنع العميل ويجعله أداة تسويق إيجابية للشركة المطورة هو المصداقية والمنتج العقاري النهائي الذي يقدم للسوق..
هناك العشرات من الأمثلة سارت في طريق الحفلات والتسويق عبر نجوم الفن والمجتمع وهم موجودون الآن في الحبس.. منهم على سبيل المثال لا الحصر المهندس علي ربيع رئيس مجلس إدارة شركة أبراج مصر للتطوير العقاري، وهاني علي الرئيس التنفيذي لشركة لايف بارك للتطوير، وطارق الطويل صاحب شركة الربوة الهادئة، وهناك نماذج كثيرة استهوتها فكرة الشو وجذب العملاء بالحفلات وكانت الطريق الأسرع للسجن.
الجانب الأخر من المشهد العام.. هي انتشار فكرة التطبيل وليس المنافسة، أغلب الشركات تطبل ليل نهار لشركات أخرى،والشركات الأخرى سيأتي عليها الدور لتطبل للشركات الأولى على طريقة المقولة الشهيرة للفنان محمود الجندي في فيلم «الفرح»: «جمعية ودايرة» أين الاستفادة التي عادت على العميل أو السوق.. لا أعرف!!
للأسف أغلب الموجودين على الساحة حديثي العهد بمفهوم التطوير العقاري والمسؤولية في التعامل مع أموال الناس.. وقد نكتب بعد عامين أو أكثر عنهم بالإيجاب وهو ما نتمناه، كما قد نضرب بهم المثل كما سبق وأشرنا على الصعود للهاوية ..
أرجوكم ركزوا في العمل الجاد والحقيقي ونفذوا ما لديكم من مشروعات أولاً قبل الدخول والتوسع في مشروعات أخرى أكبر من قدرتكم وخبرتكم والتي تضخون فيها أموال المساهمين ثم تتجهون لـ«تلبيس الطواقي» ثم ينتهي بكم الحال كما انتهى بالسابقين.
اللهم بلغت اللهم فاشهد