محمود العسقلاني
محمود العسقلاني يكتب : عن النافخين فى الزبادي والمانعين لزواج النخيل فى وزارة الإسكان
هذا البلد يحتاج بشكل عاجل لثورة تشريعية توقف إرتعاشة الايادي للموظفين العموميين المعنيين بإدارة التنمية في المشروعات الكبري, وبخاصة المشروعات الإنتاجية - الزراعية منها والصناعية , فضلا عن المشروعات السياحية والعمرانية.
هؤلاء الموظفين من رئيس الوزراء نزولا حتي نهاية السلم الوظيفي فى جميع القطاعات الان ينفخون في الزبادى والأيس كريم - لان غيرهم من وزراء الرئيس مبارك قد لسعتهم الشوربة الناتجة عن طبخة تشريعية إكتوي بنارها كثيرون . في مقدمتها قانون العقوبات في المواد من 115 حتي 119 وهي مواد كيدية تفترض في الموظف العام سوء النية - راجع معي وحلل المادة 115 والتى تنص علي ( كل موظف عام حصل أو حاول ان يحصل لنفسه او حصل او حاول ان يحصل لغيره بدون حق علي ربح أو منفعة من عمل من اعمال وظيفته يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة ) .
ومعلوم بأن المادة بمضمونها الكيدي جري تشريعها بمعرفة ترزية القوانين في عهد مبارك, وتفصيل مواد توقع المسئول الذي يخرج عن طوع السلطة تاديبا له ولغيره , وكان من بين ضحايا هذه المادة - الدكتور محى الدين الغريب عليه رحمة الله والذي ثبتت براءته بحكم قضائي عادل ولكنه في تلك الاثناء حظي بتربية حكومية سلطوية.
وللاسف الشديد وحسب معلومات مؤكدة فإن معظم القضايا التى تعقبت هؤلاء المسئولين السابقين هي قضايا تتعلق بتربيح الغير وليس تربح المسئول ذاته , وقد اقرت محكمة النقض إثبات علاقة واضحة بين المسئول وبين من تم تربيحه ( كعلاقة نسب او قرابة أو حتى علاقة حزبية سياسية) وهو مالم تنص عليه المادة اللعينة .
لذلك نقضت محكمة النقض في جميع القضايا التي قدمت لها إستنادا للمادة 115 , وهناك اساتذة قانون يؤكدون بان باب التربح في قانون العقوبات المصري يعود في أصله للقوانين اليوغسلافية في عصر الرئيس جوزيف تيتوا ورغم رحيل تيتو والرجعية القانونية في اوربا الشرقية , ورغم تخلي هذه الدول عن هذه التشريعات الوقوعية وتقدمهم ونهوضهم - إلا اننا مازلنا نمسك بقوانينهم ونعض عليها بالنواجز.
انها مواد تكاد تصيب أروقة الحكومة بالشلل , وقد احسب بان كل ما انجزناه في السنوات السبع الماضية لن يستفاد به بغير بناء تشريعي - ياخذ في الإعتبار تعديل هذه المواد المقيدة لحرية المسئول العام, وللاسف صار معيار الشرف لدي معظم المسئولين التعطيل حتي ينجوا من مقصلة باب التربح في قانون العقوبات .
اتمني وليس كل ما يتمناه المرء يدركه ان يتصدي البرلمان لهذه المواد بتعديلها بما يرفع حالة الخوف ويوجه الأجهزة الرقابية بمراقبة المسئول حتي يضبط متلبسا كما تفعل الرقابة الأدارية في السنوات الأخيرة.
من المضحكات المبكيات قصة نخيل المدن الجديدة وهي طرفه فكاهية فكيهة فمع بداية الألفية الجديدة قبل عشرين عاما قمت بنشر حملة من التحقيقات الصحافية بصحيفة العربي الناصري.. لتصويب اداء وزارة الإسكان فى زمن الدكتور محمد إبراهيم سليمان وزير الإسكان الاسبق , والذي إختلفت معه حتى الحبس في قضية السب والقذف التي اقامها ضدي, ورغم ذلك أعترف بانه من افضل وزراء الإسكان في زمن الرئيس مبارك - في تلك الاثناء حرصت على تجميع الوثائق والمستندات وكان من بين المستندات تقرير صادر عن الجهاز المركزي للمحاسبات - يتضمن توصية بعدم زراعة الاشجار المثمرة - وفي حقيقة الامر لفت نظري المناقضه التي يتوجب علي هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة الرد عليها .
لا تزرعوا النخيل ولا تزوجوه وحجة الجهاز المحاسبي في ذلك ان النخيل مثمر ويتعين علي مسئولي اجهزة المدن تجميع البلح وبيعه في مزاد علني طبقا لقانون المزايدات والمناقصات - الغريب ان التوصية تحظر علي مسئولي اجهزة المدن تزويج أشجار النخيل التي تزين الحدائق العامة خشية حمل هذه الاشجار سفاحا ومن ثم إنجاب ثمرات البلح, المؤسف ان اجهزة المدن إستجابت لهذه المناقضة ولم تلقح النخيل حتي لا ينجب بلحا لقيطا.
غير ان الرياح غالباً ما تأتى بما لا تشتهيه لجان فحص الجهاز المركزي , وتقوم الرياح الأثمة القائدة لحبات اللقاح وتتكفل بنقل لقاحات ذكورية ( لشواشى) النخل ما ينتج عنها حمل في الحرام الحكومى- ليولد بلح غير شرعي لا تعترف به الحكومة ولا يدون في سجلاتها المحاسبية الرسمية.
هذه الملاحظة تمنع زواج النخل وتغمض الطرف عن زواج النخل بالرياح سفاحا. والجهاز يري ان منع التلقيح يدرأ المفسدة. إذ كيف يتم جمع البلح وبمعرفة أى إدارة, وماذا لو ان الرياح التي لقحت هى التى عجلت بسقوط الثمرات علي الأرض ؟
وهل يعاقب المسئول علي غلطة نخلتين مارستا العلاقة الطبيعيه خارج إطار قانون الجهاز المركزي للمحاسبات؟!!