الوزارة عدلت طريقة احتساب الأقساط الدولارية منفردة .. والأزمة تهدد بتراجع تدفقات النقد الأجنبي للبلاد
أزمة أقساط أراضي «بيت الوطن» تتفاقم .. والمغتربون يعرضون مطالبهم المشروعة ويحذرون من «فقدان الثقة»
حالة من الاستياء سيطرت على عدد كبير من أبناء مصر العاملين في الخارج، بسبب إصرار وزارة الإسكان وهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة على مخالفة الشروط المعمول بها في كافة مراحل مشروع «بيت الوطن» .
حيث أكتشف حاجزوا أراضي مشروع بيت الوطن عقب توجههم لمقر جهاز مدينة القاهرة الجديدة (لسداد أقساط الاراضي المخصصة لهم بأن قد تم تغير طريقة حساب القسط لتكون وفقا لسعر الدولار وقت الاستحقاق وليس وقت السداد كما كان سائدا ومعمولا به منذ سنوات والمنصوص عليه في كراسة الشروط.
وقال المهندس أحمد منصور أحد أبناء مصر العاملين في الخارج، أن ما حدث يفقد المغتربين الثقة في الطروحات الحكومية من الأراضي، وأن مخالفة الشروط الواردة بكراسة الطرح والتي تعد جزء هام من التعاقد تمس بشكل كبير بإيرادات مصر الدولارية التي مصدرها الأهم والأضخم هو تحويلات المصريين بالخارج، لافتا إلى أن هذا التغيير لا يزال محل نظر من الناحية القانونية.
وقال منصور في تصريحات لـ«إسكان مصر»: «بداية التغيير مخالف لما ورد في كراسة الشروط التي كانت أساس لتعاقدنا في مشروع بيت الوطن، حيث أن الاساس الذي تعاقدنا عليه هو أن قيمة الأرض مقومه بالجنيه المصري على أن يكون السداد بما يعادل ذلك وقت السداد بالدولار للأقساط والتي جعلت سعر الدولار وقت السداد هو أساس الحساب».
وتابع قائلاً: «هذا التغيير يخالف ما استقر عليه العمل منذ بدأ مشروع بيت الوطن في مرحلته الأولى 2012 وحتى تاريخه حيث قمنا بسداد الأقساط السابقة وفقا لسعر الدولار في البنك المركزي يوم السداد وليس يوم الاستحقاق».
وأشار منصور، إلى أن هذا التغيير يُعد خرقاً لمبدأ "سلطان الإرادة" وهو مبدأ جوهري يقوم عليه أي نظام تعاقدي في العالم وليس في مصر وحدها وأن ما تم هو تعديل للعقد بالإرادة المنفردة وهذا لا يجوز.
فالعقد كما تنص المادة 147/1 من القانون المدنى "شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين، أو للأسباب التي يقررها القانون"، كما لا يجوز أن يُقال بأن تاريخ السداد يقصد به تاريخ الاستحقاق فالمادة 150/1 من ذات القانون تنص على أنه "إذا كانت عبارة العقد واضحة، فلا يجوز الانحراف عنها من طريق تفسيرها للتعرف على إرادة المتعاقدين"؛ وتنص المادة 151/1 على أن "يفسر الشك في مصلحة المدين". فموعد الاستحقاق شيء وموعد السداد شيئاً أخر، فقد يوفى المدين في موعد الاستحقاق وقد يوفى، لظروف معينة، متأخراً في عنه.
وقد توقع المسئولون الذين صاغوا العقود وكراسة الشروط واللوائح وإخطارات التخصيص المعمول بها أن يحدث تأخيراً في السداد عن موعد الاستحقاق ووضعوا له جزاءات مناسبة، وفرضوا غرامات تأخير وزيادة في الفوائد على الرصيد المدين.
وأشار إلى أن هذا التغيير يؤدى الى زيادة في الثمن المتفق عليه للأرض وهذا لايجوز، طبقا لنص المادة 134 من القانون المدنى التي ورد بها أنه "إذا كان محل الالتزام نقودا، التزم المدين بقدر عددها المذكور في العقد دون أن يكون لارتفاع قيمة هذه النقود أو لانخفاضها وقت الوفاء أي أثر". والمفهوم من هذا النص أنه مهما تغيرت قيمة العملة التي تحدد بها الثمن فلا يجوز أن يكون لهذا التغير أي أثر على الثمن المحدد في العقد.
وبيان ذلك أن الهيئة حددت ثمن كل قطعة بالجنيه المصري وليس بالدولار لكل متر متربع، على أن يتم سداده بواقع 25% مقدمة تعاقد، والباقى على خمسة أقساط سنويه متساوية تبدأ من تاريخ الاستلام، ولكن ولضرورة دعم اقتصاد الدولة بالعملة الأجنبية في الظروف التي يعلمها الجميع فقد تم الاتفاق على أن يتم الدفع بالسعر القائم وقت السداد. حيث تم تنفيذ هذا الاتفاق منذ بدأ المشروع في 2012 وحتى تاريخه، إلى أن فوجئنا اليوم 10 يناير 2023 بقيام الهيئة بإرادتها المنفردة بتغيير تلك الشروط بحساب الأقساط بالسعر السائد يوم الاستحقاق وليس يوم السداد، وهذا من شأنه أن يؤدى الى زياده الثمن المدفوع عن الثمن المحدد بالجنيه المصرى. وهو ما يخالف نص المادة 134 من القانون المدنى مخالفة صريحة.
وتوضيحا لتلك النقاط يقول منصور: «إذا أخذنا بمنهج الهيئة المفاجئ وحساب سعر الدولار يوم الاستحقاق وافترضنا جدلا أن قيمة القسط الثالث لقطعتين متساويتين في ذات المرحلة 500000 (خمسمائة ألف جنية مصري) وسدده الحاجز الأول في 2022، وسدده الحاجز الثاني في 2023 فإن الأول يكون قد سدد 500000 (خمسمائة ألف جنيه مصرى) بينما الثاني سدد 1000000 (مليون جنيه مصريتقريبا )؛ أما إذا التزمنا بشروط التعاقد وما سار عليه العمل من اعتماد سعر الدولار يوم السداد فإن ذلك ستؤدى إلى أن يدفع الاثنين نفس القيمة دون زيادة أو نقصان وهو ما يحقق مبدأ المساواة ويحترم منطق العقود».
وأشار إلى أن التزام الحاجزين بسداد الثمن المستحق للأرض هو من قبيل الالتزام البدلى الذى تكلم عنه المشرع المصرى بنصه في المادة 278 من القانون المدنى بقوله:
(1) يكون الالتزام بدلياً إذا لم يشمل محله إلا شيئا واحدا، ولكن تبرأ ذمة المدين إذا أدي بدلا منه شيئا أخر.
(2) والشيء الذي يشمله محل الالتزام لا البديل (الذي تبرأ ذمة المدين بأدائه) هو وحده محل الالتزام وهو الذي يعين طبيعته.
فالهيئة اتفقت مع كل حاجز على أن التزامه بالثمن يتمثل في دفع مبلغ معين محدد سلفا بالجنيه المصرى، ولكنها طلبت بدلا منه ما يعادله بالدولار للسبب المتقدم، وبالتالي لا تبرأ ذمة المدين الا بالوفاء بمبلغ الدولار المعادل للقسط. ثم شدد المشرع في الفقرة الثانية من النص المذكور على أن الشيئ الذى يشمله محل الالتزام (الثمن بالجنيه المصرى) هو وحده محل الالتزام الذى تتحدد به طبيعته والذى لا يجوز تغييره مهما تغيرت قيمة الجنية طبقا لنص المادة 134 سالفة الذكر.
وأكد أن التغيير المفاجئ من قبل الهيئة يخالف ما استقر عليه القضاء في كل منازعات العقود، فالمدين المتأخر عن السداد لأي سبب من الأسباب يلزمه القاضي فقط بأصل الدين، وإذا ترتب على التأخير ضرر يحكم القاضي بالتعويض المناسب دون زيادة أو نقصان. والفوائد والغرامات التي فرضتها الهيئة هي لمواجهة الضرر المترتب على التأخير في السداد، وإلا لماذا فرضت غرامات تأخير؟!!!
وطالب المغتربون وزير الإسكان بسرعة تلبية مطالبهم المشروعة والمتمثلة في العودة إلى ما تم الاتفاق عليه بشأن أساس حساب أقساط بيت الوطن طبقا لسعر الدولار وقت السداد وليس وقت الاستحقاق.
كذلك التنبيه على أجهزة المدن المختلفة عدم إتخاذ أي إجراء تعسفى ضد الحاجزين بمقتضى هذا التوجه المفاجئ والمخالف للقانون، علما بأنهم مستعدون فوراً لدفع الأقساط المتأخرة بعد العودة الى حساب الأقساط (الثابتة بالجنية المصرى) طبقا لسعر الدولار وقت السداد كما كان معمولا به من قبل.