"زايـــــــد".. هل تواجه المدينة الخضراء شبح التصحر؟
السكان: المساحات الخضراء تتحول إلى كتل أسمنتية.. و"الإسكان" تنفى
الملاك: المدينة مخططة بنسبة40% مسطحات خضراء.. والجهاز خالف شروط التعاقد
"إسكــــان مصر" ترصد 11 مطلبا لمجلس أمناء زايد.. وتضع أمام المسؤلين
الأهالى: مشاكل الرى لا تحل بإزالة الأشجار.. لمصلحة من يتم تشويه المدينة؟
كتبت ــ شيماء زايـــد:
يستيقظ سكان مدينة الشيخ زايد كل يوم ليشهدوا مراحل تحويل المساحات الخضراء بالمدينة إلى إنترلوك وكتل أسمنتية، بينما تنفى وزارة الإسكان ممثلة في هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة ذلك، وتـشير إلى أن ما تم تداوله بهذا الشأن على صفحات التواصل الاجتماعى لا يخرج عن كونه "شائعة"..
"إسكـــان مصر" زارت المدينة فى جولة لتكتشف ما يجرى على أرض الواقع بعيدا عما يدور على مواقع التواصل الاجتماعى، ولتتحرى الدقة وتقدم الحقيقة الكاملة لجهاز المدينة، ربما يتداركون الأمر قبل فوات الأوان.
سكان المدينة الخضراء أجمعوا على أن جهاز مدينة الشيخ زايد أخل بشروط التعاقد، التى تضمنت التشجير والمساحات الخضراء داخل المدينة، والآن تتراجع في مقابل زيادة الإنترلوك والكتل الأسمنتية، وبينما وصف البعض هذا الشأن بـ"التجاوزات"، أصر آخرون على أنه "جريمة" فى حق السكان والمدينة.
مدينة الشيخ زايد، إحدى مدن هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، أنشئت بمنحة من صندوق أبوظبي للتنمية، ومقسمة إلى 17 حيا سكنيا، وتبلغ مساحتها حوالى 10 آلاف فدان، من المفترض أن تكون 40% منها مساحات خضراء بخلاف المساحات التي أضيفت لكردون المدينة مؤخراً.
في البدء تميزت المدينة بالهدوء وانتشار الحدائق والمساحات الخضراء التى تريح عين الناظرين فور دخول المدينة. فهى مدينة كاملة المرافق تم التخطيط لها جيدا وتحمل في طياتها جميع فئات المجتمع، فبها مجمعات سكنية توصف على أنها أحياء متوسطة المستوى، كما تتضمن الأحياء الراقية، والآن تسير الأمور نحو الأسوأ بحسب السكان.
يقول إبراهيم، أحد سكان المدينة، إن سكان مدينة الشيخ زايد، (وبصفة خاصة منطقة بدر الدين والروضة والحى الـ16) فوجئوا بعمال وموظفين من جهاز المدينة يجرفون المساحات الخضراء.
وأضاف عماد، يسكن فى المجاورة أ بالحى الـ11، أن السكان يعانون من مشاكل كثيرة، ومع هذا نسعى جاهدين للحفاظ على هدوء المدينة، رغم أن الوضع من سيئ إلى أسوأ.
ويتابع عماد: "من فترة كنا نعانى من رى المساحات الخضراء بمياه الصرف الصحى، ما أدى إلى زيادة وانتشار الحشرات الزاحفة والذباب وغيرها، وهو ما عرض بدوره صحة السكان للخطر، لكن أن يكون تدارك هذه المشاكل بإزالة المساحات الخضراء، فهو ما لا نستوعبه حتى الآن".
إيهاب، القاطن بالحي الثامن، يؤكد أنه تم تكسير الرصيف، وخلع الأشجار، واستبدالها بكتل أسمنتية، حولت المكان لصحراء جرداء، وتساءل: من وراء هذا القرار ولصالح من هذا التشويه؟
علا، المقيمة بالمجاورة الثانية فى الحى الـ16، تقول "لا يوجد تشجير، ولا أعمدة إنارة، ومعظم الطرق ليست مرصوفة، وبها الكثير من المطبات والحفر، فكيف لهم أن ينزعوا الآن الأشجار المزروعة بالفعل، وتترك الشوارع بدون رصف، وشددت على أن من حق الملاك المطالبة بتعويض مادي ومعنوي مقابل إخلال جهاز المدينة بشروط التعاقد والتى من ضمنها التشجير.
مروة، تسكن بالحى الـ13 فى منطقة الربوة، أكدت أن المدينة فى طريقها إلى التصحر، وحكت لنا عن زيارة ميدانية لبعض المسئولين وتأكيدهم لنا أن فكرة تصحير المدينة غير واردة، رغم ما يحدث أمامهم أعينهم من أعمال تدمير للطرق.
وأشار عزت إلى أن المسئولين يولون رعايتهم للشوارع الرئيسية وللكمبوندات وأصحابها، وتركوا مناطق الفقراء ومحدودى الدخل مهملة، وأشبه بالعشوائيات، وقال بحسرة: "مدينة الشيخ زايد كانت جميلة في السابق، والآن تتحول إلى مكان عشوائى بامتياز".
هاني زحلان، عضو مجلس أمناء زايد سابقاً، أكد أنه تم التواصل مع بعض قيادات جهاز المدينة، والتي نفت تحويل المسطحات الخضراء لإنترلوك، ولكن الواقع يكذب نفيهم.
وأضاف زحلان أنه تم إعداد بيان يضم أكثر المشاكل التي يعانيها السكان مطالبين الجهاز بسرعة تلبيتها.
مطالب السكان
اطلعت "إسكان مصر" على قائمة المطالب التى تضمن أحد عشر مطلبا جاء فيها: "إعلان جدول زمني لجميع المشروعات القائمة والمستقبيلة لمعرفة مواعيد البدء والانتهاء، بالإضافة إلى رفع كفاءة خدمات الأحياء السكنية من إنارة، وأسفلت، وتوصيل مرافق وتجديد عمارات الإسكان التعاوني والاقتصادي".
كما اقترح السكان أيضا: "تنفيذ مجمع بمراكز الأحياء ليصبح متنفسا للجميع حيث يمكن استخدامة لاقامة المناسبات الاجتماعية لإقامة الأفراح والعزاء بدلا من أن تتحول المدينة لمنطقة عشوائية تسودها الفوضى".
وتطرقت أيضا قائمة المطالب إلى: "ضبط منظومة الري والصيانة للمسطحات الخضراء، وعمل جداول صيانة معلنة لكل منطقة والتوقف فورا عن تحويل المسطحات الخضراء إلي اسمنت وانترلوك"، بالإضافة إلى إعلان برنامج دورى لمكافحة الكلاب الضالة التى تنتشر بالمدينة"، و"إنشاء مستشفي جديد وتطوير المستشفي العام والتخصصي وزيادة عدد أسرة المرضي والرعاية المركزة".
اشتكى السكان من "مشكلة الباعة الجائلين وطالبوا منع سير التروسيكل بدون تصريح، بالإضافة إلى تشغيل خطوط نقل داخلية لخدمة الأحياء مثل الحى السابع والثامن والتاسع والعاشر والـ16".
كما طالب السكان بـ"الانتهاء من مجمع الورش ونقل الورش من أسفل المنازل، وتأمين كابلات وغرف الكهرباء وأعمدة الإنارة المكشوفة خاصة فى محيط المدارس، وإلزام جميع الجهات العاملة بالمدينة سواء شركات المياه أو الكهرباء والغاز وشركات المقاولات الخاصة ببإعادة المنطقة التى يعملون بها كما كانت بعد انتهائهم من أعمال الصيانة".
ورغم أن المدينة تشتهر بالمسطحات الخضراء التى تكسو محيطها وجوانبها، لكن يظل الإهمال واضحا من قبل جهاز تنمية المدينة، والسكان أيضا فى الحفاظ على هذه المسطحات، ما أدى إلى إتلاف الكثير من الأشجار وتراجع المساحات الخضراء وصولا إلى التجريف.
من جانبه، نفى المهندس مصطفي فهمي مساعد نائب رئيس هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، القائم بأعمال رئيس جهاز مدينة الشيخ زايد لـ"إسكان مصر" ما تردد عن استبدال المسطحات الخضراء بكتل إسمنتية، مشيرا إلى أن البعض على مواقع التواصل الاجتماعي تعمد الخلط بين المناطق التي لا توجد بها جزر خضراء وأخرى تم إزالة مسطح أخضر "بومبية" منها لدواعي التطوير خاصة وأن هذا النموذج من المسطحات " البومبية مش بيعيش رغم الاهتمام به" وتم استبداله بعدد من الاشجار العادية، وأنه قام بزيارة على الطبيعة للأماكن محل الشكوى بحضور عدد من السكان.
وفي سياق متصل، نفى الكاتب الصحفي هاني يونس المتحدث الرسمي باسم وزارة الاسكان والمجتمعات العمرانية والمستشار الإعلامي بمجلس الوزراء، في تصريحات صحفية سابقة، صدور أي قرار بتحويل المسطحات الخضراء بالمدن الجديدة إلى انترلوك، وقال ان ما يتم تداوله على صفحات التواصل الاجتماعي بخصوص هذا الأمر ما هو إلا "شائعة".
مؤكدا أن سياسة وزارة الاسكان هى التوسع فى الحدائق والمساحات الخضراء بالمدن الجديدة باعتبارها حق للسكان وتكون متنفسا لهم، وأضاف يونس ان اى مخطط لأى مدينة جديدة يراعى فيها وجود المساحات الخضراء فكيف يتم تبويرها بعد ذلك.