"السايس".. مهنة قديمة تهدد المدن الجديدة
البلطجة وفرض الإتاوات تهمة تلاحق الركين.. ولا إحصاء رسمي بأعدادهم
منادو السيارات يهربون للمدن الجديدة طمعا فى "إكرامية" أكثر.. والتعامل الأمني الحل الوحيد لمواجهتهم
مجلس النواب يدرس تقنين أوضاعهم.. وأجهزة المدن لا تشعر بالكارثة
إسكان مصر – كتبت شيماء زايـد:
"مشكلة السايس أنه يريد أخد المال بلطجة، ومؤخرا المهنة تطورت، وأصبح السايس يطالبك بترك المفتاح لتسهيل عمليه اصطفاف السيارات، مما يتيح له استخدام السيارة حال علمه بمواعيد عودتك".
على هذا النحو تحدث الشاب العشرينى إيهاب، معبرا عن استيائه من انتشار مهنة السايس أو الركين في المدن الجديدة، وهي الأزمة التي من المفترض أن يتجاوزها التخطيط العمراني الجديد خاصة وأنها أكثر انتشارا في مدن القاهرة الجديدة والشيخ زايد والشروق والعبور و6 أكتوبر.
يضيف إيهاب: الركين، هو الشخص الوحيد الذى يأخذ المال لمجرد وقوفه فى الشارع فقط، لافتا إلى ظاهرة جديدة تتمثل فى استيلاء أصحاب المحال والأكشاك على الأماكن الخالية القريبة منهم، ووضع شخص على رأسها يطالبك بدفع المال حال وقوفك في هذا المكان حتى وإن كان بهدف شراء أي شيء من هذه المحال.
الركيـــن
الركين لمن لا يعرف هو شخص يعرض خدماته دون الطلب منه, يتخذ من الشارع مكانا لممارسة عمله, هو الوحيد الذى من حقه أن يعرف إذا كنت ستتأخر فى مشوارك أم لا؟، كما يعرف أيضا متى تخرج ومتى ستعود؟
هو شبح يختفي أثره عند بحثك عن ركنة، أو مكان لصف السيارة, لكنه يظهر فجأة بمجرد أن يعمل محرك السيارة، ليبدأ حوار (هتركني يا هانم؟، هتتأخر يا بيه؟، كل سنة وانت طيب يا باشا).. شخص يكتسب عمله بمزيد من الفهلوة, (طلع منين وكان فين لا تعرف)، يطلب منك المال مقابل صف سيارتك علي جانبي الطريق مع غياب آلية للرقابة و تسعيرة لانتظار السيارات.
مهنة قد يصعب إلغاؤها, لكن الأكيد أنه يجب تقنينها بعد أن امتدت للمجتمعات العمرانية الجديدة فى الفترة الأخيرة وشكلت ظاهرة غريبة على هذه المجتمعات، ما جعل المواطنون يتساءلون: من أين أتى هذا السايس بهذه البلطجة؟، وهل هو مسنود من جهاز المدينة أم ممن؟.
منى، تعمل مديرة علاقات عامة في أحد الشركات بالتجمع الخامس، تحكى لنا فى زيارة ميدانية للمنطقة أن: (السايس خبطلى العربية وأنا في شغلى، نزلت واكتشفت اللى حصل، هو كان مرتبك جدا وخايف، وبيديلي المفتاح وبيحاول يخبي، الحقيقة اتضايقت لأنى لما سألته خبطها إزاى؟، أنكر وقال لى: حضرتك كنتي جايباها كده.. مش أنا).
توجهت منى لعمل محضر له، لكن دون جدوى، وفقا للسيدة.
المنادى، أو الركين، أو سايس السيارات، مهنة تلاحقها اتهامات بفرض الإتاوات علي أصحاب السيارات، ولا يوجد لعددهم إحصاء رسمى يذكر، يعمل القليل منهم فى ساحات الانتظار بعد حصولهم على تصريح لمزاولة المهنة, بينما يعمل الغالبية فى مناطق سيطروا عليها دون تصريح.
يشتهر أن لكل منطقة "معلم"، وهو المسئول عن الموافقة وتوزيع الركين الجديد, ويعمل بها الآن عدد كبير من أصحاب السوابق والمسجلين خطر.
مجبر أخاك لا بطل
كلمات نطق بها أحد سكان مدينة الشيخ زايد، تعليقا علي ظاهرة انتشار السايس أو الركين في المجتمعات العمرانية الجديدة.
يقول أحمد، البالغ من العمر 35 عاما، أنه حاول مرارا أن يقنع السايس في منطقة سكنه بأن السيارة ليست مملوكة له، وأنه يعمل عليها كسائق بعد مشادات كثيرة بينهما, لكنه لم ير منه سوى إتلاف 4 إطارات للسيارة، لعدم موافقته على دفع 10 جنيهات يوميا، مقابل ركن السيارة أسفل منزله.
سرقة بالإكــــراه
أما حلمي، فيرى أنه ليس من حق شخص أن يكون مصدر رزقه جزء من مصدر رزقي بـ"العافية", وأن مهنة السايس أو الركين ما هي إلا نوع من أنواع السرقة بالإكراه.
وردا على أنه قد يكون هذا مصدر رزقه الوحيد، أجابنا أن الحرامى أيضا يرى أن السرقة هى مصدر رزقه الوحيد، وتجار الأعضاء والأطفال يرون كذلك أيضا.
استئجار الرصيف من الحي
شيرين، أحد سكان منطقة التجمع، تروى أيضا أنها تشاجرت مع أحد المنادين، بعد أن طلب منها 20 جنيها مقابل ر"كنة العربية"، سألته من المسئول عن وقوفك هنا، فكان رده أنه استأجر الرصيف من الحى؟
تتساءل شيرين: هل ما قاله صحيح؟، وإن صح، فهل هذا قانونى؟ هل يحق لبلطجى استئجار رصيف وشارع حكومي؟
الركين.. مسئولية من؟
أعرب الكثير من سكان المدن الجديدة عن استيائهم الشديد، وقالوا إن الركين ما هو إلا بلطجى قرر يفعل نفوذه، وسط الغياب الأمنى، فإذا اعترض أحد على عدم دفع المبلغ المطلوب، إما أن يمنعه من الوقوف بالمنطقة وإما أن يحطم سيارته، ثم يدعى البلطجي أنه لا يعلم ما حدث للسيارة.
المدن الجديدة رزقها واسع
التقينا "مجاهد"، شاب يبلغ من العمر 20 عاما، يعمل منادى سيارات امام أحد المولات بالتجمع الخامس، فأخبرنا أنه جاء إلى هنا بعد تضييق الخناق عليه بمنطقته القديمة فى وسط القاهرة, فضلا عن زيادة الاكرامية نظرا لاختلاف المستوى الاجتماعى بهذه المناطق.
وأضاف لـ"إسكان مصر"، أن المهنة في الماضي كانت لها ضوابط حيث كان يعمل السايس او الركين بعد الاضطلاع علي هويته وفحص صحيفته الجنائية، أما الآن فقد تغير الأمر، وأصبح كل شخص قادر علي فرض سيطرته والعمل كمنادى سيارات. وأوضح أن الشارع يقسم الآن على 4 أو 5 ركينة، يرأسهم شخص وهو الأكثر سيطرة وقوة.
من أين جاءت سايس؟
في تعريف السايس، وهو مسمى مهنة تقليدى فى مصر عن عامل كان في الأصل مسئولا عن رعاية الحمير والخيول، ثم امتد ليشمل حارسا مكلف أحيانا بإرسال الرسائل أو جلب الطلبات.
أما في الاستعمال الحديث في مصر فيقصد بالمصطلح شخص يدل على أماكن مواقف السيارات ويعتني بها ويحرسها. وارتبط اسمهم بالبلطجة في بعض الأحيان.
مجلس النواب يدخل على الخط
من جانبها، وافقت لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب على مناقشة قانون منادى السيارات "السايس"، والذي يهدف لتنظيم أماكن وساحات انتظار السيارات في الشارع، حيث تضمنت مواد مشروع القانون النص على إنشاء لجنة لإدارة وتنظيم أماكن وساحات انتظار السيارات بكل محافظة برئاسة المحافظ المختص وعضوية كل من: نائب مدير الأمن، ورئيس إدارة المرور، وممثل عن البحث الجنائي، وممثل عن الأمن الوطني، ومدير الشؤون القانونية ومدير إدارة الحسابات بالمحافظة.
وتختص اللجنة بإصدار القرارات واللوائح المنظمة للعمل، وتحديد المناطق التي تصلح للانتظار دون إعاقة حركة المرور، وتحديد عدد ساعات العمل ونهايته، وتحديد القيمة المراد تحصيلها من طالب الخدمة وإصدار دفتر تحصيل بالقيمة المحددة، وتحديد مهام الأفراد المكلفين بالعمل ووضع لائحة الجزاءات وإخطار الشركات المرخص لها بتطبيقها على الأفراد التابعين لها.
من ناحية أخرى، أكد مسؤول كبير في هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، أن ظاهرة السايس غير قانونية وأن ما يتردد عن التصريح لهم بالعمل داخل المدن الجديدة غير صحيح، مشيراً إلى إنه يجري التنسيق مع الجهات الأمنية لمواجهة هذه الظاهرة والتي تعاني منها كافة الأحياء القديمة، وأن على ملاك المولات التجارية التصدي لهؤلاء ومنعهم من استغلال ومضايقة الزبائن.