محمود الجندي
مدينة 6 أكتوبر.. تحتضن أول نواة لتأسيس لجيش الليبي
مفارقات القدر دائما لها وقع خاص.. هكذا كتب لأرض مدينة 6 أكتوبر والتي تحمل اسم حرب الكرامة التي خاضتها مصر ضد العدو الاسرائيلي في 1973 أن تكون ذات الأرض التي شهدت واحتضنت تأسيس أول نواة للجيش الليبي عام 1940 لمواجهة الاستعمار الايطالي.. ولذلك حكاية تحملها السطور التالية..
في 9 أغسطس من كل عام يحتفل الشعب الليبي الشقيق وحكومته بذكرى تأسيس أول جيش ليبي لإنهاء الوجود الإيطالي على الأراضي الليبية وكان ذلك في عام 1940، تلك الذكرى التي تتجه فيها الأنظار إلى مدينة 6 أكتوبر والتي تحتضن أول معسكر لتأسيس الجيش الليبي والذي عُرف رسميّاً باسم (القوَّات المُسلحة العربيّة الِلّيبيّة) ويقع بالقرب من منطقة أبو رواش عند الكيلو 9 طريق الإسكندرية الصحراوي وبالقرب من مدخل المشروع العمراني "نيو جيزة"، حيث لا يزال النصب التذكاري الموجود هناك والذي أقيم عام 1956 شاهدا على بطولات الليبيين واحتضان مصر لأول نواة لتأسيس الجيش الليبي.
النصب التذكاري بمدينة 6 أكتوبر يعتبر علامة مميزة ومجيدة فِي حيَاة الِلّيبيّين فهو يوم تأسيس جيش الملك إدريس السّنوُسي الّذِي حرّر البلاد مِن المستعمر، وتحالف مع قوَّات المحور وانضوى تحت لواء الجيش البريطاني الثامن، واتخذ لنفسه راية قتاليّة مستقلة لونها أسود يتوسطها هلال ونجمة.
ولمن لا يعرف فقد ساهمت قوَّات جيش التَّحرير فِي معظم مراحل القتال تحت رايتها المستقلة إِلى جانب قوَّات الحلفاء ثمّ اندفعت وراء فلول الإيطاليين والألمان المنسحبة حتَّى دخلت برقة ثمّ طرابلس التي تحررت فِي يناير 1943، وبعد طرد المستعمر مِن البلاد، تكوّن مِن هذه القوَّات نواة لقوَّة دفاع برقة والقوَّة المتحركة المركزيّة بطرابلس ونواة الجيش الِلّيبيّ الجديد.
ويعد من أبرز مؤسسي الجيش الليبي ولهما صولات وجولات فِي ساحات الجهاد ضدَّ المستعمر الإيطالي ثمّ فِي بناء الجيش بعْد التَّحرير وإعلان الاستقلال هما اللواء السّنوُسي الأطيوش.. والثّاني هُو الزّعيم مُصْطفى القويري أحد المؤسسين الأوائل للجيش الِلّيبيّ والمتطوعين فِي حرب 1948م وأحد قادة (الجبهة الوطنيّة لإنقاذ ليبَيا) التي خاضت صراعاً طويلاً مع معمّر القذّافي.
وقد بدأت خطوات الاعداد لتأسيس الجيش الليبي بدعوة من الأمير محَمّد إدْريْس الْمَهْدِي السّنوُسي بعْد اندلاع الحرب العالمية الثانية في الأوّل مِن سبتمبر 1939، لـ 52 شخصيّة مِن زعامات الِلّيبيّين ومشايخهم المُقيمين في المنفى للاجتماع في منزله الكائن بمدينة الإسكندريّة، وعُقد الاجتماع يوم 20 أكتوبـر 1939 ، واستمر الانعقاد لمدة ثلاثة أيّام. واتفق المجتمعون فِي الإسكندريّة، على منح الأمير الحق فِي مفاوضة الحكومة الإنجليزيّة والعمل مِن أجل تحرير الِلّيبيّين واسترداد حريتهم وتخليص البلاد مِن أيدي الإيطاليين، وقد أصدروا بياناً فِي ختام اجتماعهم أكدوا فيه على إصرارهم على مواصلة العمل مِن أجل تحرير البلاد مِن قبضة المستعمر الإيطالي وتوضيح كلّ مَا تمّ الاتفاق عليه مع الأمير إدْريْس السّنوُسي.
وفِي الاجتماع الثّاني المنعقد بتاريخ التاسع مِن أغسطس1940م، تقرر تشكيل جيش وطنيّ لتحرير ليبَيا، ووقعت أربعون شخصيّة وطنيّة على ميثاق التاسع مِن أغسطس، فِي الاجتماع التاريخي الّذِي انعقد فِي منزل الأمير إدْريْس السّنوُسي بحي الزمالك بالقاهرة، والّذِي تقرر فيه تشكيل (القوَّات المُسلحة العربيّة الِلّيبيّة) وتسميتها باللغة الانجليزيّة (Libyan Arab armed force)، والتي عُرفت باسم (الجيش السّنوسي).
وقد تأسست هذه القوَّات فِي معسكر للتدريب بمنطقة أبو رواش على الطريق الرئيسي الصحراوي القاهرة - الإسكندريّة، وعقب التأسيس مباشرة ألقى الأمير إدْريْس كلمة فِي منتسبي جيشه قائلاً: "خاضت قوّات الجيش السّنوُسي القتال بداية فِي معركة سيدي برّاني في نوفمبر 1940 ثمّ فِي عمليّات الدّفاع عَن مدينة طبرق مع قوَّات (ويفل) أثناء حصار قوَّات (رومل) لها فِي عَام 1940. وساهمت فِي معظم مراحل القتال تحت رايتها السوداء التي يتوسطها هلال ونجمة، إِلى جانب قوَّات الحلفاء بما فيها الهجوم الكبير الّذِي قام به الحلفاء على المحور والّذِي تم بعده دحر قوَّات المحور وطردها مِن برقة وطرابلس".
وبعْد هزيمة قوَّات المحور وطرد المستعمر الإيطالي مِن ليبَيا، عاد عدد كبير مِن أعضاء الجيش السّنوُسي إِلى الحيَاة المدنيّة وانخرطوا فِي الأعمال الحرَّة والوظائف المختلفة، ودخل عدد أخر فِي (قوَّة دفاع برقة)، وبعْد الاستقلال تشكلت كتيبة مِن الضبّاط والجنود سُميّت (كتيبة الحرس الملكي)، وحينما صدر قرار بتشكيل الجيش الِلّيبيّ فِي 9 أغسطس 1952 أصبحت تلك الكتيبة هي نواة تأسيس الجيش. وفِي أغسطس 1956، شيدت الحكومة الِلّيبيّة نصباً تذكارياً للجيش الِلّيبيّ فِي موقعه الكائن بمدينة 6 أكتوبر غرب القاهرة.
الوَثِيقَة الأولى: وثيقة ميثاق 9 اغسطس/ أب 1940م المنعقد بالقاهرة،
الوَثِيقَة الثّانيّة: وثيقة منح السّنوُسي سعيد الأطيوش رتبة ملازم ثاني مِن قبل القائد العامّ للجيوش البريطانيّة فِي القطر المصري،
الوَثِيقَة الْرَّابِعَة: مقتطف مِن جريدة بريطانيّة صادرة فِي بداية الأربعينيات، وعنوان التقرير الرئيسي: (هؤلاء الذين قاتلوا الإيطاليين واحداً وعشرين عاماً)، ويظهر أعلى الصفحة صورة السّيِّد علي إمحمد الغزالي ضابط التدريب الأساسي بجيش التَّحرير فِي الكيلو تسعة والّذِي تحدثت معه الصحيفة عن جهاد الِلّيبيّين ضدَّ الاحتلال الإيطالي. ويظهر فِي التقرير أيْضاً صورة المَلِك إدْريْس السّنوُسي الّذِي كان أميراً وقتها
الوَثِيقَة الخَامِسَة: وسام استحقاق برتبة قائد مِن الرئيس الامريكي جون كيندي لرئيس أركان الجيش الِلّيبيّ اللواء السّنوُسى الأطيوش.
مِرْفَق الصُّوَر:
الصُّوَرَة الأوْلَى: أخذت الصُّوَرَة فِي الاجتماع التأسيسي للجيش السُّنوُسي، ويظهر فيها الأمير إدرْيس، والأعضـاء المؤسسون للجيش، والجنرال البريطاني بروميلو.
الصُّوَرَة الثّانِيَة: صُّوَرَة شخصيّة للضابط السّنوُسي سعيد الأطيوش.
الصُّوَرَة الْثَّالِثَة: صُّوَرَة تجمع بين المَلِك إدْريْس السّنوُسي والسّنوُسي الأطيوش رئيس الأركان.
الصُّوَرَة الْرَّابِعَة: المَلِك إدْريْس والسّنوُسي الأطيوش رئيس الأركان والزَّعيم جبريل صَالح الشلماني يوم احتفاليّة تسليم رايّة الجيش فِى قصر دار السّلام بطبرق سنة 1959م.
الصُّوَرَة الخَامِسَة: صُّوَرَة شخصيّة للسّيِّد علي محَمّد عبْدالقادر الأطيوش بعْد تخرجه مِن الكليّة العسكريّة.
الصُّوَرَة السّادِسة: السّنوُسي الأطيوش رئيس الأركان الِلّيبيّ فِي أحد زيارته الخارِجِيّة.
الصُّوَرَة السّابعة: صُّوَرَة النصب التذكارى لتأسيس الجيش فى موقع معسكره غربى القاهرة أقامته الحكومة الِلّيبيّة فِي أغسطس 1956