الغاء تخصيص 27 قطعة لأعضاء سابقين بمجلسي الشعب والشورى.. ودفاع الهيئة استند للحظر الوارد في دستور 1971
" المجتمعات العمرانية " تسترد الأراضي المخصصة لنواب البرلمان
كتب- محمود محمد
حكماً تاريخياً أرسته الدائرة الحادية عشرة بالمحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة، وانتصرت فيه هيئة المحكمة للمادة 95 من دستور 1971 الساري وقت حدوث الواقعة، مشددة على بطلان أي تعامل بين أحد نواب مجلسي الشعب أو الشورى مع الدولة بالبيع أو الشراء او الاستئجار أو المقايضة أو بالتوريد طوال مدة سريان عضويته النيابية.
الحكم الذي أصدرته المحكمة في الطعن 35391 لسنة 59 قضائية عليا بتاريخ 18 مارس 2018 والمقدم من رئيس مجلس إدارة هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة ويمثله مدير عام الإدارة القانونية بالهيئة جمال الدمرداش، وعضو الإدارة المحامي حسام نزيه ، جاء طعناً على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة في الدعوى رقم 55868 لسنة 63 قضائية والمقامة من عضو مجلس الشورى السابق محمد عبد العزيز الشهاوي والذي كان يحمل العضوية رقم 34 عن الدائرة الثالثة بمحافظة كفر الشيخ.
اعتراضا منه على قرار الغاء تحصيص قطعة الأرض رقم 43 بمنطقة "تمر حنة" بالتجمع الخامس في مدينة القاهرة الجديدة الصادر في 5 فبراير 2007 بعد حصوله عليها بقرار تخصيص مباشر من وزير الإسكان الأسبق الدكتور محمد إبراهيم سليمان بالمخالفة لمواد الدستور آنذاك، وهو الالغاء الذي طال 27 عضواً أخرين بمجلسي الشعب والشورى لحصولهم على قطع أراضي خلال فترة سريان عضويتهم النيابة بالمخالفة للقانون.
تعود التفاصيل إلى عام 2006 عندما تقدم عضو مجلس الشورى السابق محمد الشهاوي بطلب إلى وزير الإسكان وقتها للحصول على قطعة أرض سكنية بمدينة القاهرة الجديدة، حيث وافق الوزير على تخصيص القطعة 43 بمنطقة "تمر حنة" في 14 أغسطس 2006، وقام عضو المجلس بسداد مقدم الثمن، وفي 5 أبريل 2009 توجه إلى جهاز مدينة القاهرة الجديدة لتسلم قطعة الأرض، وتم إبلاغه بصدور قرار بإلغاء التخصيص، فتقدم بتظلم في 9 أبريل 2009 لاستلام القطعة وتم رفض التظلم ليتوجه بعدها إلى لجنة فض المنازعات والتي أصدرت توصيتها بعدم قبول تظلمه.
الشهاوي أكد في تظلمه مخالفة قرار الغاء التخصيص للإجراءات المتبعة في هذه الحالات وأبرزها اخطاره بذلك أو اخطار وكيله أيضاً، ليقيم بعدها دعوى قضائية ضد هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة أمام الدائرة الثانية بمحكمة القضاء الإداري والتي أصدرت حكمها في 23 يونيو 2013 بإلغاء قرار الغاء التخصيص وما يترتب عليه من أثار لعدم توافر حالة من حالات الالغاء المقررة في اللائحة العقارية لهيئة المجتمعات وتكرار حالة الغاء التخصيص في مواجهة 27 عضوا أخرين بمجلسي الشعب والشورى، وإنه لم يتم اخطار العميل بقرار الغاء التخصيص على عنوانه المبين بالأوراق.
من جانبها، ردت هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بالطعن رقم 35391 لسنة 59 قضائية عليا والذي أكد صحة موقفها القانوني وسلامة اجراءات الغاء تخصيص قطع الأراضي التي حصل عليها برلمانيون بالتخصيص المباشر من وزير الإسكان الأسبق.
وقالت الهيئة في طعنها أمام المحكمة الإدارية العليا، إن الغاء التخصيص لنواب البرلمان اتفق وصحيح القانون ولم تشوبه أي مخالفات حيث تم اخطاره بإلغاء التخصيص في 15 يناير 2008، كما أن هيئة المحكمة التي أصدرت حكماً لصالح عضو مجلس الشورى السابق أهدرت دفوع هيئة المجتمعات ما ينحدر بالحكم الصادر إلى درجة البطلان وتحديداً حصول النائب على قطعة الأرض وقت عضويته بمجلس الشورى ما يخالف نص المادة 95 من دستور عام 1971 الساري وقت تخصيص الأرض والتي تنص على الآتي: " لا يجوز لعضو مجلس الشعب أثناء مدة عضويته أن يشتري أو يستأجر شيئاً من أموال الدولة، أو أن يؤجرها أو يبيع لها شيئاً من أمواله أو أن يقايضها عليه، أو ان يبرم مع الدولة عقداً بوصفة ملتزما أو مورداً أو مقاولاً".
كما نصت المادة 205 من ذات الدستور على أن تسري في شأن مجلس الشورى الأحكام الواردة بالدستور في المواد من 89 حتى 95، فيما تنص المادة الثانية من القانون رقم 59 لسنة 1979 في شأن انشاء هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة على : "إنشاء المجتمعات العمرانية وفقاً لأحكام هذا القانون والقرارات المنفذة له .
وتنشأ هيئة المجتمعات طبقاً لأحكام الباب الثاني، وتكون دون غيرها جهاز الدولة المسؤول عن إنشاء هذه المجتمعات العمرانية ويعبر عنها في هذا القانون بالهيئة". كما أنها المختصة بإلغاء التخصيص او حق الانتفاع او الامتياز اذا لم يقم المخالف بإزالة المخالفة خلال المدة التي تحددها الهيئة.
وأكدت دفاع هيئة المجتمعات، أن المشرع انتهج نهجاً من شأنه الارتفاع بنواب الشعب عن مواطن الشبهات والظنون بإبعادهم عن كل ما يؤثر في واجبات العضوية وحظر عليهم أثناء مدة العضوية ما هو مباح لغيرهم، ونص على منعهم من التعامل مع الدولة بمعناها الشامل في المعاملات المالية المباحة لغيرهم حتى ولو كان ذلك بطريق المزاد أو المناقصة حظراً صريحاً وفقا لما ورد في المادة 95 من دستور عام 1971 حتى لا يتسنى لنواب الشعب الاستفادة من تلك العضوية بأي منافع شخصية.
وأشارت الهيئة إلى أنها قررت إلغاء تخصيص كافة الأراضي التي حصل عليها نواب مجلسي الشعب والشوري خلال فترة سريان عضويتهم النيابية في 3 يونيو 2008 وبمحضر جلسة مجلس إدارة هيئة المجتمعات العمرانية رقم 24 لسنة 2008، حيث تم اتخاذ ذلك بتوجيهات عليا وتمت التوصية لدى أجهزة المدن بحصر تلك الحالات واتخاذ الاجراءات القانونية حيالها والغاء التخصيص الذي تم بالمخالفة للقانون.
وأن طعن النائب البرلماني قد يكون صحيحاً في حال جاء قرار تخصيص الأرض صحيحا ومستوفياً كافة الشروط، كما انه حرر توكيلاً بالبيع والتصرف في الأرض لشخص أخر وهي مخالفة أخرى، أما وان قرار التخصيص صدر معيباً من الأساس فلا مجال للطعن عليه.
من جانبها، قضت المحكمة الإدارية العليا بقبول الدعوى شكلا وبإلغاء قرار محكمة القضاء الإداري الصادر لصالح النائب محمد الشهاوي ببطلان قرار الغاء تخصيص قطعة الأرض، والقضاء بصحة قرار الالغاء الصادر عن هيئة المجتمعات العمرانية في حق النواب الذين حصلوا على قطع أراضي بالمخالفة للحظر الوارد في مواد دستور 1971.