مطورون: مصر بلا "هوية معمارية".. وأزمة "كورونا" لها فوائد
أحمد سليم: مدينة الجلالة الأقرب للهوية العالمية..وأحمد العتال: الطلب الحقيقي حافظ على استقرار السوق
جاسر بهجت: الأزمة أتاحت الفرصة لتحديد متطلبات العملاء الجديدة.. هشام هلال: المصمم المعماري مسئول عن تحديد هوية مشروعه
كتب- محمد أشرف
كشف عدد من المطورين العقاريين ومهندسين في مجال التصميمات المعمارية، أبرز المشكلات التي يعانيها السوق المصرية خاصة بعد أزمة فيروس كورونا، مؤكدين أن مصر بلا هوية معمارية موحدة، وأن تقليد النماذج المعمارية المختلفة خلق من مبانيها مسخ مشوه.
وأشاروا خلال مائدة مستديرة تحت عنوان "مستقبل المنتج العقاري بعد جائحة كورونا" والتي نظمتها مجلة ريالتي كتالوج، أن أزمة كورونا كانت فرصة جيدة لمعرفة احتياجات العملاء الجديدة، وإعادة ترتيب أوراق الشركات العقارية.
يقول المهندس أحمد العتال، رئيس مجلس إدارة شركة العتال هولدينج، أن العقار يظل ملاذ آمن للاستثمار وخاصة خلال الأزمات، وهو ما أكدته أزمة كورونا والتي نجح القطاع العقاري في مواجهتها والحفاظ على حركة مبيعات قائمة رغم تلك الأزمة، مشيراً إلى أهمية الطلب الحقيقي في الحفاظ على مبيعات السوق العقارية خلال أزمة كورونا.
وأضاف خلال المائدة المستديرة ، أن كافة القطاعات الاقتصادية بكافة دول العالم تأثرت بأزمة كورونا وشهدت كافة أسواق العالم تراجعًا في الآداء خلال الأزمة وحتى الآن، وبالتالي فقد تأثر القطاع العقاري المصري بأزمة كورونا، ولكن كان هناك حركة مبيعات حافظت على استمرار عمل السوق.
وأشار، إلى أنه مع بداية الأزمة توقع الكثير من المطورين توقف تام للمبيعات العقارية ولكن ما حدث هو العكس فرغم تخوف العملاء إلا أن هناك حركة المبيعات استمرت بالفعل وخاصة للسكن الأول، وللعملاء الباحثين عن وحدة للسكن مقارنة بالعملاء الباحثين عن وحدة للاستثمار، موضحا أن هناك تأثر في قطاع الإيجار للوحدات الإدارية والتجارية.
وأضاف العتال، أن التأثر في الإيجارات بالسوق العقارية نتج عن تعثر الأفراد والشركات المستأجرة لمقرات إدارية أو تجارية في الوفاء بإلتزاماتها المالية، ولكن سرعان ما ظهرت حلول بين المالكين والمستأجرين لتقسيط الإيجارات المستحقة، مؤكدا أن العقار مهما كان نوعه فإنه يمرض ولا يموت.
ولفت إلى أنه مع بداية أزمة كورونا فإن السوق شهدت تراجعًا في المبيعات بنسبة 70 % ولكن بداية من يونيو الماضي فإن هناك عودة للطلب والشراء بنسب ترتفع بالتدريج لمختلف الوحدات السكنية، كما أن المطور أصبح يتعامل مع العميل الحقيقي الذي يبحث عن وحدة للسكن.
وأكد أن المصريين مهما كانت شريحتهم الاقتصادية أو الاجتماعية فإن نحو 30 % منهم يستثمرون ويدخرون أموالهم في العقار لثقتهم في الحفاظ على قيمة أموالهم في العقار.
أما عن الوحدات السكنية السياحية، فقد شهدت ركوداً مع بداية الأزمة ولكن مع دخول موسم الصيف اتجه العديد من العملاء لشراء وحدات مصيفية للسكن بها وقضاء مزيد من الوقت بها خصوصا مع تحول بعض الوظائف للآداء من المنزل للكثير من العملاء.
ولفت، إلى أن المنتج العقاري ليس منتج موسمي أو منتج مؤقت ولكنه قطاع واعد وقوي تمكن من مواجهة العديد من التحديات على مدار عشرات السنوات، وهو ما يجعل أزمة كورونا واحدة من تحديات عديدة مرت على القطاع العقاري، موضحا أنه يمكن استغلال التطور التكنولوجي تنفيذ المشروعات العقاري بما يسمح بتنفيذ مشروعات قادرة على مواجهة أي أزمات مشابهة في المستقبل.
وأوضح، أن تصدير العقار للعميل الأجنبي يبدأ من توفير المعلومة حول مصر كوجهة جاذبة للعميل الأجنبي وللعقار المصري بمميزاته التنافسية العالمية، مع تحديد العميل المستهدف وتحديد آلية الوصول إليه مع الاعتماد على بنية تكنولوجية قوية تمكن من توصيل تفاصيل المنتج العقاري للعميل بالخارج.
وأكد أن مصر بحاجة لدعم وتكثيف الجهود في ملف تصدير العقار وحل أزمة تسجيل العقار والترويج له في القنوات الدولية والتسويق لمزايا وأهمية العقار المصري.
وأشار، إلى أن كافة أطراف المنظومة العمرانية شاركوا في طمس هوية للعقار المصري وهو ما أدى لتراجع معماري لمصر مقارنة بدول العالم، قائلا "العمارة هي مرآة الشعوب"، كما أكد أن القيادة السياسية اتخذت العديد من الإجراءات الخاصة بوقف تراخيص البناء فى المدن الكبرى للحد من انتشار المبانى المخالفة واصلاح ما تم افساده على مدار 40 عام فى مجال البناء فى عدد من المدن داخل القاهرة الكبرى وباقى المحافظات.مؤكدا أن المدن الجديدة أصبحت هى الأمل فى عودة قيمة العقار وهويته مرة أخرى من خلال وجود مخطط عام لكل مدينة.
من جانبه، قال المهندس أحمد سليم، رئيس مجلس إدارة شركة كايرو كابيتال للتطوير العقارى، إن أزمة كورونا أعطت فرصة للمطورين لمعرفة توجهات الطلب الحقيقي بالسوق والتعرف على الاحتياجات الحقيقية للعملاء وبالتالي تلبية هذه المتطلبات في المشروعات القائمة أو المستقبلية.
وأضاف، أن أزمة كورونا أدت لظهور العميل الحقيقي الباحث عن وحدة للسكن بها واستغلالها والذي لديه رغبة واحتياج حقيقي للوحدة السكنية، لافتا إلى أنه لفترة طويلة فإن هناك بعض الشركات العقارية التي اعتمدت على العميل غير الحقيقي وهي الشركات التي واجهت توقفا في أعمالها خلال أزمة كورونا.
وأشار، إلى أنه منذ بداية أزمة كورونا في مصر مارس الماضي وحتى يونيو الماضي يمكن اعتبار هذه الفترة بمثابة إجازة مؤقتة للشركات العقارية أفادتها فى استقبال العميل الحقيقي مع بداية تحرك السوق مؤخرا، كما ساعدت في إعادة تقييم المتطلبات الحقيقية للعملاء المستهدفين وإعادة طرح المنتج العقاري بشكل يتناسب مع المتطلبات الحقيقية للعملاء.
وأوضح، أن نسبة التغيير في تصميم المنتج العقاري نتيجة أزمة كورونا لا تتعدى الـ10 % وبالتالي فإن العميل الذي قام بالتعاقد على وحدة قبل أزمة كورونا وسيتسلمها عقب الأزمة لن يواجه فجوة في شكل أو تصميم أو استخدام الوحدة.
ولفت إلى أن هناك طلبا بنسب متزايدة على العقار الطبي لمستثمرين محليين وأجانب خلال أزمة كورونا لوجود طلب خلقته الأزمة.
وتوقع سليم، بدء توسع مصر في تجربة تصدير العقار خلال 10 سنوات من الآن، فالتجربة تبدأ من معرفة الأسواق المنافسة للسوق المصرية، كما أنه حتى الآن لا توجد مدينة مصرية يمكن تسويقها بالكامل للعميل الأجنبي، ولكن يوجد فقط مناطق داخل المدن القائمة، لافتا إلى أن مدينة العلمين الجديدة ستكون بداية للمدينة المتكاملة التي يمكن تسويقها للعميل الأجنبي.
وتابع، بأن مدينة الجلالة لما تتمتع به من مناخ غير متكرر وطبيعة ساحرة فإنها مؤهلة لتكون مدينة ذات طابع معماري وتسويقي عالمي يمكن من خلاله تصدير العقار للعالم.
وقال إن وجود هوية لأي مدينة يتطلب وجود مخطط عام واستراتيجية محددة مسبقًا، تكون ملزمة لكافة المطورين العقاريين المنفذين لمشروعات عقارية داخل تلك المدينة بحيث يتم تنفيذ مشروعاتهم وفق هذا المخطط وهذه الشروط.
ويضيف، المهندس جاسر بهجت الرئيس التنفيذي لشركة أماكن للتطوير العقاري، والرئيس التنفيذي لشركة مدار للتطوير العقاري، إن أزمة كورونا مثل أي أزمة تمر بها مصر والعالم وستنتهي، ولن تؤثر على الشركات أو العملاء إلا على المدى المتوسط ، مؤكدا أنها كانت فرصة جيدة للمستثمرين العقاريين للاستفادة من التسهيلات المالية التي قدمتها الدولة والبنك المركزي لدعم الاقتصاد المصري بشكل عام.
وأضاف، أن فترة كورونا أتاحت الفرصة للمطورين العقاريين للتفكير بشكل أكبر وأكثر عمقًا حول متطلبات العملاء الجديدة في العقار والمشروع الذي يخططون للسكن به، بالإضافة إلى الاستفادة من تلك التجربة في حالة حدوث أزمات مشابهة في المستقبل. لافتاً إلى أن نجاح الشركات العقارية خلال الثلاثة أشهر التي تمثل ذروة أزمة كورونا بداية من مارس وحتى يونيو الماضي توقف على مرونة الشركة في مواجهة الأزمة ووضع خطط وحلول مالية تضمن توافر السيولة المالية لديها وتوجيهها وفقا للأولويات والمعطيات التي فرضتها الظروف، مؤكدا أن تنوع المنتج العقاري كان عامل رئيسي لنجاح الشركات في مواجهة الازمة وتحمل تبعاتها.
وتابع: الشركات التي تأثرت خلال الثلاث أشهر الماضية لم تكن جديرة بوجودها في السوق العقارية لان فترة الثلاثة أشهر ليست أزمة ضخمة يمكن أن تنهار بسببها شركات قوية ولديها ثقل بالسوق، فهناك أزمات قوية تعرض لها القطاع العقاري في مصر يمكن وصفها بكلمة أزمة بالفعل وتسببت في خروج شركات من القطاع، مشيرا إلى أن أي شركة عقارية لديها موقف قوي يمكنها الصمود خلال 3 أشهر من أي أزمة تواجهها، ويصبح لديها مرونة في التعامل مع تلك الأزمة وسيكون لديها أكثر من حل للخروج منها دون خسائر كبيرة لتلك الشركة .
وأوضح أن تصدير العقار المصري للخارج يستهدف 3 أنواع من العملاء؛ عميل مصري يعمل بالخارج ويريد شراء عقار ببلده للسكن أو الاستقرار، أو عميل عربي لديه تفضيلات ومعرفة سابقة بمصر ويريد شراء وحدة عقارية بها والتي تكون متواجدة في قلب القاهرة أو في مدينة ساحلية، لافتا إلى أن العميل العربي الذي لديه مشكلات سياسية في بلده ليس له متطلبات استثنائية في الوحدة التي يريد شرائها في أي مكان للسكن بها.
أما العميل الثالث، وهو العميل الأجنبي الذي يستهدفه ملف تصدير العقار بالأساس ويوجد العديد من التحديات التي تواجه التوصل إليه وتسويق المنتج العقاري المصري له، فهناك مشكلة تتعلق بتسجيل العقار المصري فيتم بيع العقار عبر خطاب تخصيص وهو ما لا يعمل به العميل الأجنبي، مشيرا إلى أن العميل الأجنبي لا يبحث عن وحدة عقارية فقط ولكن يبحث عن وحدة محاطة بالخدمات المتكاملة.
وأضاف أن المشكلة تكمن في العميل الأجنبي الذي يعانى من بعض المشكلات التى تتعلق بإجراءات تسجيل الوحدة لان مصر مختلفة عن دبي فيما يتعلق بتسجيل الوحدة، فلا يوجد عقد تسجيل للوحدة لدى المطورين بمصر ولكن يعتمد البيع على جوابات تخصيص وهو ما لا يفهمه العميل الاجنبي، فضلا عن اهمية الخدمات وتكاملها بمكان سكنه والمجتمع الذي يعيش فيه.
وتابع: ساهمت أزمة كورونا في تغير طريقة تفكير المصمم المعمار، فالمساحات الإدارية ستكون أقل، كما تراعي الوحدات السكنية وجود مساحة إضافية تسمح بالعمل من المنزل، متوقعا تغيير المنتج العقاري مهما كان استخدامه ونوعه.
من جانبه، قال هشام هلال رئيس ومؤسس Criteria Design Group، إن استدامة العقار هي الحل الأساسي لمواجهة التغيرات البيئية المستمرة والتي تؤثر على طبيعة المنتج العقاري مع مرور الزمن، فالعقار ثابت لفترات زمنية طويلة وهو ما يتطلب صلاحيته على مدار تلك الفترات الزمنية الطويلة.
وأضاف، أن ملف المباني المستدامة تم طرحه مؤخرا بشكل قوي مؤخرا رغم أهميته، فالمباني المستدامة أثبتت قدرتها على الصمود ومواجهة التغيرات البيئية على مدار عقود من الزمن نظرا لتصميمها على أسس علمية مبادئ بيئية حقيقية تراعي فتحات التهوية والشمس وكافة الاشتراطات البيئية التي يتواجد بها العقار.
وأشار إلى ضرورة أن تعبر المواد والألوان بالتصميمات عن هوية المشروع وليس الهوية أو الذوق الشخصي للمصمم ، لذلك فإن اختيار الألوان أو المواد يأتي وفقًا لظروف كل مشروع ، وخاصة بيئته من حيث ملاءمته للظروف المناخية ، مثال على العزل ، الانعكاس ، مقاومة العوامل الجوية وغيرها.
وأوضح أن مراعاة المصممين المعماريين للعوامل البيئية المحيطة بالعقار يجعل هناك هوية موحدة للعقارات والمشروعات دون اتفاق مسبق بين المصممين، فالعمارة مرآة الشعوب، لافتا إلى أنه منذ حركة الحداثة بعد الحرب العالمية الثانية أصبح هناك بعض القصور في المنتج المعماري وما بعد الحداثة أصبح هناك تشوه كبير في المنتج المعماري.
وتابع: أدى ذلك إلى عدم وجود قيم موحدة أو متفق عليها، كما أصبح الاعتماد بشكل أكبر على الموضة وتقليد بعض النماذج الخارجية التي أدت إلى تشوه المبنى المعماري، لافتا إلى أن أزمة فيروس كورونا أظهرت مشكلات كثيرة بالتصميم البيئي بالمبني المعماري، وذلك لان بعض المواد الخام بالتصميمات الداخلية أو الخارجية لا تتناسب مع مبادئ التهوية والمعايير الصحية.
وأكد أن المشكلة بشكل أكبر تكمن مع المعماري نفسه لانه هو المسئول عن تحديد الهوية والشكل العام للمشروع ، كما أنه مسئول عن تسهيل المعادلة على المطور العقاري ليتمكن من تحقيق التوازن بين التكلفة والعائد.
ويضيف أحمد جبر، الرئيس التنفيذي لمكتب GAF Design Studio، إن أزمة كورونا كانت فرصة للعميل للمراجعة والتفكير بشكل جيد حول احتياجاته في الوحدة العقارية التي يبحث عنها والتي تحقق متطلباته خلال الفترة الحالية والمستقبلية، مؤكدا ضرورة مراعاة المصممين المعماريين خلال الفترة المقبلة للمعايير الصحية والبيئية في الوحدة العقارية.
وأوضح بأنه يجب إعادة النظر في المساحات المتاحة داخل الوحدة وإعادة تصميمها بما يمكن من استغلال أمثل لها وبما يحقق منفعة أكبر بأقل تكلفة.
وأكد جبر ان متطلبات العملاء في الوحدات المخصصة للأنشطة التجارية تغيرت بعد ازمة كورونا فأصبح الأكبر على المساحات الأقل المصممة بشكل يتيح الاستغلال الجيد الذي يحقق منافع للعملاء بدون تحمل تكلفة أعلى.
وتابع: أصبح العميل الباحث عن وحدة تجارية يريد مساحة أقل، كما أصبح العميل لديه وعي حول التصميم والديكور الأمثل للوحدة التجارية عقب أزمة كورونا والذي يريد وحدة ذات مساحة أقل ذات فتحات تهوية أكبر.
وأضاف أن هناك نقصًا في الحفاظ على الهوية للمدن المصرية ووجود طابع عام يميز كل مدينة في مصر، حيث أن إيجاد الهوية يتطلب التنسيق الكامل بين المصممين المعماريين والمطورين العقاريين تحت مظلة رؤية عامة موحدة تضعها الدولة وهو ما يؤدي في النهاية إلى وجود مدينة ذات هوية موحدة مثل مدينة سانتوريني باليونان أو برشلونة بإسبانيا.
وأشار إلى أن توجه الدولة مؤخرا لتطوير مدن ساحلية بشكل موحد وذات طابع معماري متطور لتكون مدن متجانسة ذات هوية محددة هو أمر محمود ويعد فرصة لخلق الهوية لتلك المدن، ولكن يجب وجود تنسيق عام بين المطورين العقاريين والمعماريين في كل مدينة لتحقيق هذا الهدف.
وتابع جبر: حل مشكلة الهوية أو المخطط العام لبعض المناطق هو اللجوء إلى الشركات المتخصصة في كل نشاط ولابد للمعماري أن يقوم بموج أسس العمارة وضمان الربحية للمطور في نفس الوقت من خلال دراسات متعمقة يقوم بها المعماري لإقناع المطور وتحقيق الاستفادة بشكل أكبر.